نون والقلم

ليبرمان أم يعلون.. المبادرة الفرنسية أم المصـرية؟

في صحيفة يديعوت أحرونوت، سخرت الكاتبة الإسرائيلية سمدار بيري مما جرى مع الرئيس المصري بعد خطابه عن “السلام الدافئ” مع “دولتها” في أسيوط، وذلك بالقول إنه “اشترى بوغي (يعلون) فغلّفوا له ليبرمان”!! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بعيدا عن الطبع الصهيوني في الاستخفاف بالحلفاء بشتى أنواعهم، هو: هل ثمة فرق يذكر من الناحية السياسية بين يعلون وليبرمان في ظل نتنياهو، وهل ثمة فرق عملي أيضا بين مسار المبادرة الفرنسية وبين مبادرة السيسي المقترحة؟ في السياق الأول، وبعيدا عن بث الوهم، فإن ما تُجمع عليه الأوساط الصهيونية هو أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية نهائية مع الفلسطينيين، والسبب هو أن أحدا في الكيان لا يمكن أن يقبل بالانسحاب حتى حدود 67، ولو مع تبادل للأراضي، وحتى من دون عودة اللاجئين، لا سيما أن قضية القدس لا زالت تشكل عقدة كبرى؛ لا يمكن لأي زعيم يساري أن يقدم تنازلا جوهريا على صعيدها، فضلا عن أن يكون المعني هو نتنياهو. لم يفعل باراك ذلك عام 2000، ولم يفعل أولمرت ذلك 2006، ولو فعل أحدهما لتم التوقيع، لأن موضوع اللاجئين لم يكن هو سب إفشال التسوية في الحالين، بل قضية القدس التي لا يوجد زعيم فلسطيني أو عربي يمكنه تحمّل ثمن القبول بتسوية تستبعدها. من هنا، يمكن القول إنه لا فرق بين ليبرمان ويعلون إذا كنا نتحدث عن التسوية، كما أن حارس الملهى الليلي سابقا، ليس مطلق السراح لكي يشن حروبا إذا اعتقد البعض أنه سيميل إلى التصعيد في غزة على سبيل المثال، فالقرار في الكيان الصهيوني ليس قرار وزير الدفاع وحده، ولا حتى قرار رئيس الوزراء وحده أيضا، بل هو حصيلة تفاهم بين المستويات الأمنية والسياسية والعسكرية. السؤال الآخر هو: هل ثمة مسافة تذكر بين المبادرة الفرنسية ومبادرة السيسي؟ الحق أن هناك فرقا ما في المسارات التفصيلية، لكن نتيجة الحراك في كل منهما لن تخرج بشيء عملي، ولن تكون هناك تسوية حقيقية، لأن فرنسا لا يمكن أن تفرض على الكيان الصهيوني تسوية مقبولة، بينما تحضر أمريكا بقوة. المبادرة الفرنسية لن تقدم شيئا سوى بعض الإحراج لدولة الاحتلال، لكن النهاية هي لا شيء، وقد سبقتها مبادرات لا تحصى انتهت إلى لا شيء، أما مبادرة السيسي، فهي تقدم الكثير لدولة الاحتلال من دون أن تأخذ منها شيئا، إذ لا تعدو أن تبدأ عملية تفاوضية تنطوي على تطبيع، وربما تعديلات على نصوص المبادرة العربية، ستغدو بعد سنوات محل مساومة جديدة، أما الأهم من ذلك فهي أنها (فضلا عن دعمها التطبيع، واستعادتها لأجواء مدريد وأوسلو ووادي عربة)، ستكرس عمليا المسار الوحيد المُجمع عليه صهيونيا ممثلا في الحل الانتقالي بعيد المدى. أي دولة في حدود الجدار يقال إنها مؤقتة، لكنها تتحول دائمة بمرور الوقت (تأبيد الصراع، وجعله مجرد نزاع حدودي). في النهاية، هذا هو ما يريدون، لكن الأمر مرتبط بظروف كثيرة، وقد قيل قبل ربع قرن إن مسار أوسلو سينتهي بشرط أوسط جديد تتسيّده دولة الاحتلال ولم يحدث ذلك، واليوم يستغلون حريق المنطقة، وما بعد ضرب ربيع العرب، لتحقيق المراد، لكن ذلك لن يحدث أيضا، ففي فلسطين شعب حي، وفي المنطقة أيضا أمة حية لن تقبل الخضوع لشروط الصهاينة، وهي ستستعيد مسار ربيعها ولو بعد حين.

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى