أخيرًا، ظهر فعلاً “بورقيبة” في شارعه بتونس العاصمة، وهو يمتطي صهوة جواد ويشير بالتحيّة بيده اليمنى، مثلما أكد ذلك رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، في احتفالات تونس بالذكرى الستين للاستقلال، في العشرين من مارس الماضي.
فبعد نحو ثلاثين عاماً من الغياب، ظهر تمثال بورقيبة، وسط احتجاجات لم تستكن منذ الإعلان عن عودة “الزعيم” بعد أن كان الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قد تخلّص منه.
التمثالُ تمّ تركيزه في شارع بورقيبة، قرب مقر وزارة الداخلية، ويُنتظر أن يتمّ تدشينه من طرف رئيس الجمهورية، في الأول من يونيو المقبل، بمناسبة ذكرى عيد النصر (1 يونيو 1955).
وكان بن علي، وفور وصوله إلى السلطة في نوفمبر العام 1987، أزال تمثال بورقيبة، وحوّله إلى ضاحية حلق الوادي، على بعد 10 كيلومترات من تونس العاصمة، وركّز مكانه ساعة عملاقة.
يوسف الشاهد، وزير الشؤون المحلية، قال إنّ إعادة تمثال الحبيب بورقيبة إلى مكانه وسط العاصمة، تندرج في إطار الحرص على “ردّ الاعتبار إلى المناضلين والزعماء الذين أسسوا الدولة الحديثة، وضحوا في سبيل الجمهورية بطرق مختلفة؛ من بينها اعتماد أسمائهم لتسمية الشوارع والطرقات والساحات والنصب التذكارية”.
وأضاف الشاهد، أنّ وزارة التجهيز تكفلت بإعادة التمثال، على أن يتمّ التدشين في الأول من يونيو، في ذكرى عيد النصر سابقاً.
غير أن لريم الثائري، عضو مجلس نواب الشعب (البرلمان)، رأيًا مغايرًا؛ إذ ترى أنه لا مبرّر لإعادة تمثال بورقيبة في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن، والهشّ، معتبرة ذلك “استفزازاً للشعب”.
من جهته، اعتبر محمد كمال الغربي، رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية، أنّ رئيس الجمهورية “قد أخطأ في التوقيت واستبق نتائج العدالة الانتقالية”.
وأضاف، في تصريح صحافي، أنّ الشبكة عبّرت عن رفضها لتركيز تمثال بورقيبة؛ لأنه “عمل استباقي وقفز لنتائج مسار العدالة الانتقالية، وتعدٍّ على ذاكرة التونسيين الذين كانوا عرضة للانتهاكات الجسيمة خلال فترة رئاسته”.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أعلن في ذكرى احتفال التونسيين بعيد الاستقلال، في العشرين من مارس الماضي، أنه “اتخذ قرار إعادة تمثال بورقيبة إلى مكانه الأصلي بموافقة رئيس الحكومة”.
يذكر أن الرئيس الحبيب بورقيبة حكم تونس من العام 1956 إلى العام 1987، عندما انقلب عليه رئيس الوزراء حينها، زين العابدين بن علي، ليضعه في الإقامة الجبرية، في مدينة المنستير، مكان ولادته، حتى وفاته في العام 2000.