الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة. عليكم بإناث الخيل، فإن ظهورها عزّ وبطونها كنز.
لماذا أسجل ما سبق من الحديث النبوي الصحيح اليوم؟ أسجله لأنني أحب الخيل، وقد قرأت ما أعاد إليّ ذكريات مع الأمير فهد بن سلمان والأمير أحمد بن سلمان فقد كانا من أنجح مالكي خيل السباق في العالم. ومثلهما الأمير خالد العبدالله وهو والد الأميرة نوف، أرملة الأمير فهد بن سلمان. سباق كنتكي داربي هذه السنة فاز به الحصان “نايكويست” الذي لم يُهزَم بسباق بعد. وكنت متحمساً لواحد من ثلاثة أحصنة لها علاقة عربية هي لاني، الذي فاز بداربي دبي، ومهيمن وشغف.
كان الأمير فهد صغيراً وقد عاد من الدراسة الجامعية في أميركا. هو اكتشف أنني أعرف كثيراً عن خيل السباق في الغرب (ميدان سباق بيروت كان وقفاً على الخيل العربية) عبر مجلة “سبورتس الستريتد” (الرياضة المصوّرة) التي كنت آخذها من مكتب عمّو أبو السعيد أبو الريش، مدير مكتب “تايم – لايف” في بيروت.
في تلك الأيام، كان أشهر حصان أصيل في الغرب هو “نورذرن دانسر” الذي كسب سباقات عدة قبل أن يتقاعد للاستيلاد (الشِّبي باللهجة اللبنانية)، وينتج بعض أشهر خيول السباق من سلالته. كنت لاحظت أن الفرس أمه واسمها ناتالما وُلِدَت لحصان اسمه “ناتيف دانسر” وفرس اسمها المحمود، ما جعلني أرجِّح وجود علاقة عربية في الموضوع.
الأمير فهد فاز حصانه “جنروس” بسباق الداربي، وهو أهم سباق للخيل في انكلترا، سنة 1991، وتبعه الأمير أحمد وفاز حصانه “اوث” بالداربي سنة 1999. ثم حقق الأمير أحمد إنجازاً غير مسبوق عندما انتصر حصانه “بوينت غيفن” بسباقين من “التاج الثلاثي” الأميركي سنة 2001، وعاد في السنة التالية، 2002، لينتزع الحصان “وور امبلم” سباقين من “التاج الثلاثي” ما لم يحققه أحد قبله أو بعده.
الأميران الشابان رحلا عنا وبقيت ذكراهما في القلب والعقل فتعود إليّ تلك الأيام الطيبة في موسم سباق الخيل، في انكلترا والولايات المتحدة.
الأميركيون يعتزون بالخيل التي تفوز بالسباقات الثلاثة في “التاج”، وكان أن الحصان “فرعون أميركي” الذي يملكه المصري الأميركي أحمد الزيات انتزع “التاج الثلاثي” وهو يفوز السنة الماضية بسباقات بريكنس وبلمونت والداربي، بعد 37 سنة من آخر فوز بها الذي حققه الحصان “افيرمد”. بل إنه حقق نصراً غير مسبوق، فقد فاز أيضاً بجائزة مربّي الخيول، وهذا ما لم يستطع حصان آخر أن يحققه على امتداد أكثر من مئتي سنة.
ذكرى الأميرين فهد وأحمد تلازمني، ولكن موضوع الخيل عاد إليّ وأنا أقرأ تحقيقاً عن نشاط “فرعون أميركي” بعد تقاعده في استيلاد خيول أصيلة جديدة تكسب أهم السباقات.
قرأت أن أجر “فرعون أميركي” عن كل استيلاد ناجح هو 200 ألف دولار، وأنه يستطيع أن يحقق لمالكه 600 ألف دولار في اليوم، أو 30 مليون دولار في السنة. هذا مبلغ لا يحققه من البشر سوى بيل غيتس وأمانسيو اورتيغا ووارن بافيت وكارلوس سليم حلو.
في أهمية ما سبق أن بعض الخيل الأصيلة يحقق نجاحاً عظيماً في ميدان السباق، ثم يرفض الإناث، أي لعب دور في الاستيلاد بعد تقاعده. وربما السبب أن جهده في الاستعداد لكل سباق أضرَّ بقدرته.
قرأت أن “فرعون أميركي” ليس من هذا النوع، فهو أقبل على كل فرس بحماسة المراهقين، ما يعزز خلفيته المصرية أو العربية. أقول مبروك لمالكه، وأترحم على أميرَيْن من أعز الأصدقاء.