قال مرةً الكاتب الشهير مارك توين: «تقطعُ الكِذبة نصف الكرة الأرضية، بينما ما زالت الحقيقة لم تنتهِ من ارتداء حذائها»، ولا أعلم فترةً طيلةَ تاريخ البشرية الطويل، أصبح الكذب فيه بمثل هذا التوهج وهذه السرعة غير المسبوقة في الانتشار، كما يحدث هذه الأيام، مع وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشط دهاقنة الكذب وأصحاب النوايا المبيّتة في محاولات لا تتوقف، ولن تتوقف، لتغيير توجهات الرأي العام، وتكرار الشائعات والتلفيقات بشكل ممنهج، وكسوتها غطاءً دينياً يدغدغ مشاعر البسطاء، لتكتسب كثيراً من المصداقية الزائفة!
ربما لم يتمالأ أعداء وخصوم، ويجتمع كل هؤلاء الكَذَبَة، كما تمالئوا واجتمعوا على الإمارات وقيادتها، وبالتحديد على أسدها «بو خالد»، حفظه الله تعالى، فالإخوان ذوو الجذور الصوفية، والدواعش أصحاب المنابت التكفيرية.
والقاعدة أرباب فكر الخوارج، وغِربان «قُم» مروّجو وناشرو ثورة الدم والطائفية، لم يجمعهم إلا كُره الإمارات، ولم تتحد أكاذيبهم إلا على صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولا غرابة في ذلك، فالصراخ على قدر الألم، فـ «إمارات المواقف»، كانت رأس الحربة التي كانت عصيّةً على السقوط ضد مخططاتهم المتناقضة شكلاً وأسلوباً، والمتّفقة مسرحاً وغاية!
لم تتلوّن الإمارات وقيادتها، ولم تجامل، لأنها تعرف أن الأفعى لا تحمل إلا الشر، مهما لَان ملمسها، وعندما صعد نجم الإخوان في بدايات ما سُمي بثورات الربيع العربي، كانت الإمارات ذات التحفظ الأكبر تجاه تلك الفوضى، ولامها الكثير من أبطال المقالات المثالية والخطب اليوتوبية.
ثم عندما تبيّنت خيوط المؤامرة لذلك التنظيم، ووقفت ضده بكل ما أوتيت من قوة، حرصاً على لُحمة الأوطان ومقدرات الشعوب، ومستقبل الأجيال القادمة، استشرت نبرة الكراهية تجاهها من الناعقين والمسبّحين بذكر مرشد المقطّم، وقطيع ليس بالبسيط ممن يتم التلاعب بعواطفه، حتى يُغيِّب عقله بالتباكي على الإسلام المغدور.
و«الأولياء» الذين وصلوا للسلطة، فلما وصلوها، خلعوا ثياب الأولياء، وبانت الذئاب من تحتها، قبل أن يُعادوا إلى حيث يستحقون في ذات الأقبية المظلمة التي طالما حاكوا المؤامرات بها «ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله»!
كثيرون هم أولئك المتشدقين بالمثاليات خلف الشاشات، ووراء لوحة «الكيبورد»، والذين يصرّحون حيناً ويلمحون أحياناً بالطعن في منهج الإمارات في التعامل مع عصابات الدم والخيانة، و«احتكار» الدين لتغطية كل تطرفهم ونزقهم المسعور بحثاً عن كرسي السلطة، لكنهم لا يجرؤون على مناقشة التأصيل الفكري المنحرف، الذي قامت عليه هذه الحركات، ولا يستطيعون «النبش» في التاريخ المظلم لها، والذي ينوء باتفاقيات ومؤامرات لا تحصى مع الاستعمار وقوى الشر التي تعاديها علناً، وتنام في أحضانها في السر!
عندما وقفت الإمارات بشراسة أمام مخططات التنظيم الدولي للإخوان وأذرعته الدموية التي تتحرك لصالحه، لا تبعيةً، ولكن لتقاطع مصالح رؤوس الشر، فما ذاك إلا لأنها تنشد لشعوب العرب الكرامة والأمن والحرية الحقيقية، التي عبثت بها أدبياتُ أتباعِ المرشد، وأقرانهم من المطبلين لليسار تارة، وللإمبيريالية تارة أخرى، ولو راجع الإنسان البسيط مسار الأمور، لفهم من ينشد كرامة الإنسان ومن يريد إذلاله، فعندما تؤكد الإمارات على أهمية الدولة الوطنية.
وضرورة استقلالية اتخاذ القرار لديها، كان مرشد المقطّم و«مندوبوه» في بلاد العرب، يسعون جاهدين، ويطبل حولهم كُتّاب الفشل ومنظّرو الفكر «الأحول»، لكي تُعاد دولة الخلافة، كما يدّعون، والتي تقضي بأنْ يُساق العرب وبلدانهم كخدمٍ وسبايا وإقطاعيات لـ «سبع البرمبة»، الخليفة العثماني الذي أكل مقلباً في نفسه!
لماذا ينتقد أولئك الفلاسفة توجّه الإمارات بأنه تكريس للتسلّط ووأد للديمقراطية، لكنهم لا ينبسون بكلمة وهم يرون أردوغان يُجبر رئيس وزرائه على الرحيل، لضغطه المتواصل لتحويل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي؟، هل هذا النظام حلال لخليفتهم المزعوم، حرامٌ علينا؟، ثم، وهنا الطامّة الكبرى: أين هي الديمقراطية التي تتحدثون عنها، و«خليفتكم» يخطط لوضع كل السلطات المطلقة في يده، كما حاول ذلك مرسي في أرض الكنانة!
عندما توجست الإمارات من ثورات الربيع، لم يكن ذلك كما سوّقه أصحاب الأقلام المأجورة، بأنها ضد الحريات والديمقراطية، وبقية المصطلحات الرنانة التي يراد بها استثارة البسطاء، وإنما لأنها تعي أن هناك أمراً أدهى حِيك ودُبّر بليلٍ آثم، وما دماء الأبرياء التي سالت.
والأوطان التي دُمِّرَت، والجماعات الإرهابية التي خرجت نبتتها الشيطانية بشكلٍ لا يُعقل، إلا تصديقاً لِبُعد نظر الإمارات، وحصافة سياستها الخارجية، أما المتآمرون، فقد امتهنوا، كالعادة، دور «البطل المغدور»، وزجّوا باسم الإمارات في كل شيء.
ورغم فضائح وفظائع تلك السنة المشؤومة لهم في حكم مصر، إلا أنهم بدل أن يعترفوا بخيباتهم وخوائهم السياسي، والذي جعل تلك الملايين الهادرة تخرج لتنهي تجربتهم المريرة، إذا بهم يهاجمون الإمارات، وأنها سبب ما حدث لهم!، أي عقول لدى هؤلاء، وأي استخفاف بالبشر ما يفعلون ويقولون؟.
نحن نعلم أنّ أصحاب الشر لم يموتوا، فالشر لا ينتهي، ودهاقنة السوء لا تزيدهم النكبات إلا تلوّناً وعودة لتغيير السيناريوهات لا الغايات، وهم دائمو تشكيل التحالفات، حتى مع من يدعون أنهم خصومهم من عصابات الدم.
كما حدث قبل أيام، عندما تباكى الحوثيون على ضربات الإمارات ضد القاعدة في تحرير المكلا، والتي كشفت حجم تواطؤ الإخوان معهم، ما يؤكد من جديد لكل من لديه بقية عقل، صواب موقف الإمارات ضدهم، هنا، أُكرّر بأن الشعوب التي تخشى على خير ما تملك.
وتهتم بمستقبل كريم لأبنائها، لن تسمح لهؤلاء المتلونين والملطخين بدماء الأبرياء، أن يخرجوا من الباب ليعودوا من النافذة، هم يراهنون على عودةٍ لهم، ولكننا أعددنا لهم بعد عون الله، وَقَفات الإمارات الشامخة، ومهما طار وانتشر شرّهم، فالموعد لهم.. بو خالد!