كنت سأواصل الحديث عن القراءة، فمشروع قياداتنا، أعزها الله، بإطلاق إستراتيجية وطنية للقراءة غير مسبوق، ويحتاج إلى تسليط الضوء أكثر، ولكن الكتابة، قطعت على الطريق، الأخت التوأم تملكتها الغيرة، فأحدثت إرباكاً في المجتمع خلال الأيام الفائتة، ربما أرادت أن تقول لنا نحن متلازمتان، فلا قراءة دون كتابة، ولا تميز في الاهتمام بيننا، فاضطرتني للتوقف، للضرورة وليس إرضاء للكتابة فقط!!
يبدو أن المفاهيم تداخلت عند البعض، واختلطت الرؤية فغشيت العين بشيء من الازدواج والضبابية، أو أن الرسائل لم تصل إليهم بمعانيها، التبست عليهم، وتناثرت حولها شوائب صنعتها حماسة مفرطة، مبنية على عدم فهم أو نقص خبرة أو جهل في التفسير وتحديد الأهداف.
سأتحدث بالعموم، ولن أخص أحداً بشيء، لأنني لست معتاداً على التشهير وخلق بيئة يمكن أن يتلاعب فيها المتصيدون، فأقول لكم، إننا عندما نقف عند الكتابة نمسك بشأن عام، شأن يمس المجتمع كله، ويؤثر في النشء، ويهز الثوابت ويتعدى على الخصوصية، بخلاف القراءة التي هي شأن خاص.
فمن يقرأ يضر أو ينفع نفسه فقط، والكتابة الخارجة عن القيم لا تمثل الأدب والأدباء، بل على العكس، تدوس الأدب، وتسيء للأدباء، وهنا لابد أن نتريث أمامها، ونتمعن في ظاهرتها، ونناقش أسبابها، ونطرح التساؤلات، ونحاول أن نصل إلى إجابات من أجل ما تأسست عليه مجتمعاتنا، وما رسخته قيمنا بيننا.
مخطئ من يظن أن الانفلات حضارة، وجاهل ذلك الذي يحاول أن يقارن بين زمان وزمان، ويوظف اللحظة بكل تداعياتها من أجل نشر الساقط والرخيص من الأفكار، فنحن لسنا في صراع مع ثوابتنا، ولسنا على خلاف مع قيمنا ومعتقداتنا، ولسنا معمل تجارب لجهلة لا يعرفون القراءة جيداً فيخلطون القصد والهدف مع الغاية والوسيلة.
نحن في صراع مع التطرف والتشدد والتحزب والفئوية، والانحراف بالدين عن مقاصده، وتزوير التاريخ، وتأزيم الشباب، وإرهاب المجتمعات، وهذا ما يجب أن نواجهه ونتصدى له.
للأسف.. اختلطت مفاهيم البعض، فأضاعوا الاتجاهات، ولم يقدروا المسافات ما بين الخطأ والصواب، والأسباب كثيرة، قد نتحدث عنها لاحقاً.