نون والقلم

النكبة الفلسطينيّة والنكبات العربية

فقدت نكبة فلسطين التي يُحيي الفلسطينيون ذكراها هذا الشهر أهميتها ومحوريتها في ظل النكبات التي تجتاح شعوب المنطقة. إذ كيف يمكن أن يتحدث الفلسطينيون اليوم عن مأساة طرد أكثر من 700 ألف فلسطيني من أرضهم بعد حرب 1948، بينما شردت الحرب الأهلية السورية قرابة 7 ملايين مواطن سوري؟ وهل لا يزال ممكناً الحديث عن تضامن عربي مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته العنصرية وقضمه لأراضي الفلسطينيين، في ظل حال الانقسام العربي والنزاعات المذهبية وحروب الواسطة التي تدور في العراق وسوريا واليمن؟
سيسجل التاريخ أن إسرائيل استطاعت أخيراً تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على أمل الفلسطينيين في قيام دولتهم المستقلة، ليس بفضل الحروب التي خاضتها ضدهم لأكثر من ستة عقود، بل بفضل الثورات العربية التي فككت دول المنطقة وأدت إما الى الفوضى المدمرة كما هي الحال في سوريا واليمن، وإما الى عودة حكم الجنرالات ، أو نشوء الدولة الفاشلة كما هو الحال في ليبيا، وربما شكلت ثورة تونس الاستثناء الوحيد.
توشك إسرائيل أن تصفّي ما تبقى من القضية الفلسطينيّة ، وأبرز دليل على ذلك الواقع الفلسطيني البائس في كل من الضفة الغربية وغزة. لم يعد لإسرائيل أعداء تخاف منهم في الجانب الفلسطيني. فقد نجحت في تدجين السلطة الفلسطينية وشل ارادتها السياسية، وكبحت موجة الطعن والدهس الأخيرة التي قام بها شبان فلسطينيون. كما استطاعت توجيه ضربة قاصمة الى حركة «حماس» بعد عمليتها الاخيرة في آب 2014 «الجرف الصامد» ونجحت في تكبيدها خسائر هائلة، وتسببت بأكبر كارثة انسانية لسكان قطاع غزة الذين يعانون حصاراً إسرائيلياً خانقاً وحصاراً مصرياً لا يقل ايلاماً وأذى.
من هم أعداء إسرائيل اليوم؟ لقد قضت الاضطرابات في سوريا على الخطر التقليدي الذي كان يمثله الجيش السوري. أما خطر ترسانة «حزب الله» الصاروخية على إسرائيل فقد دخل اليوم، شاء «حزب الله» أم أبى، في اطار التفاهمات الأمنية بين روسيا وإسرائيل، وفي عهدة المسؤولية الروسية التي يقاتل الحزب في سوريا بالتنسيق مع قياداتها العسكرية. وأما خطر السلاح النووي الإيراني الذي احتل رأس جدول الاعمال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، فقد أصبح في عهدة الاتفاق النووي الذي رعته الدول العظمى مع إيران. بقي هناك عدوان بارزان: «حماس» وأنفاقها الهجومية، وهبّة الشباب الفلسطيني.
الفلسطينيون اليوم وحيدون في مواجهة إسرائيل. أما العرب والعالم فتشغلهم نكبات أخرى غير نكبة فلسطين.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى