بدأ المسؤول المهم السابق في «الإدارة» المهمّة نفسها داخل الإدارة الأميركية، الذي عمل كثيراً على عملية السلام الشرق الأوسطية وغيرها، اللقاء بالكلام عن فلسطين وإسرائيل، قال: تراجعت هذه القضية كثيراً في الآونة الأخيرة. قد يفكِّر البعض أن الرئيس أوباما لن يحاول دفعها إلى الأمام في آخر سنة من ولايته تلافياً لإحراج خلفه في البيت الأبيض، وخصوصاً إذا كان هيلاري كلينتون المرشَّحة المؤهّلة أكثر من غيرها لأن يسمّيها حزبه الديموقراطي مرشّحته الرسمية. ذلك أن المعركة الرئاسيّة التمهيديّة التي يخوضها ترامب وحزبه الجمهوري ليست سهلة.
في اعتقادي أن ما يحصل في أميركا انتخابيّاً الآن مهم ومُقلق. وسيُنتج مرشّحاً جمهوريّاً هو ترامب لأن تجاوز ملايين الناخبين الذين أعطوه أصواتهم في الانتخابات التمهيديّة ليس ممكناً. كما سيُنتج مرشّحة ديموقراطية هي كلينتون. ربما بعد انتهاء الانتخابات مطلع تشرين الثاني المقبل وبعد فوز الرئيس الذي لن يتسلّم سلطاته الدستورية إلاّ في الثلث الأخير من شهر كانون الثاني المقبل (2017) يفعل أوباما شيئاً في الموضوع الفلسطيني – الإسرائيلي. وقد يكون هدفه مساعدة خلفه على تناول هذه المشكلة بسهولة أكبر أو بعد تقليل شيء من صعوباتها الكثيرة.
وقد يكون الفعل عرض القضية على مجلس الأمن لدرس قرار جدّي وجيّد وإن غير كافٍ وإصداره. ثم تحدّث عن إيران فقال: «هي لامعة (Brilliant). إذ استطاعت المقايضة بين شيء لا تمتلكه فعلاً وهو القدرة النوويّة المتقدمّة، وهذا أمر تعرفه اسرائيل ومخابراتها وأميركا ومخابراتها، وبين أشياء مهمّة لها مثل رفع عقوبات والعودة إلى المجتمع الدولي وما إلى ذلك». ثم سأل: «هل هناك مشروع إيراني جاهز؟ وما هو؟». أجبتُ: هناك في رأي الغالبية في العالمين العربي والإسلامي مشروعان إيرانيان واحد قومي (فارسي) وآخر مذهبي (شيعي). والهدف منهما إعادة إنتاج فارس الكبرى.
سأل: «ما هي الأدلة على ذلك؟». أجبت: لا بد لأي مشروع من خطة تنفيذيّة له. وقد وُضعت ولم يعلن من المشروع في البداية إلا صفته الإسلاميّة الشاملة. ونٌفذ وكاد أن يُنجز لولا حدوث أمور عدة نتحدّث عنها لاحقاً. الخطة التنفيذيّة تقضي بالسيطرة على العراق وسوريا ولبنان وغزة (القضية الفلسطينيّة) وتتحوّل إيران قوة إقليميّة عظمى ذات نفوذ في قلب العالم العربي وفي الشرق الأوسط، بل في شرق المتوسط وعلى حدود إسرائيل وفي العراق باستثناء الأكراد الذين هم حلفاء لها أو بالأحرى على علاقة جيدة بها. وقد تمتَّنت العلاقة بعد انسحاب أميركا منه في الولاية الأولى لأوباما.
أما سوريا فهي بكاملها ضمن المشروع في ظل الرئيس بشار الأسد ونظامه. ولبنان كلّه ضمنه أيضاً رغم الانقسام السياسي الشعبي (الطائفي والمذهبي) حوله بسبب «حزب الله» ورصيده الضخم فيه جرّاء تحرير أراضٍ لبنانية احتلتها إسرائيل وبسبب قوّته العسكرية الكبيرة. علّق: «لكن العالم الإسلامي سنّي في معظمه. 85 في المئة من مسلمي العالم سنّة. كيف تستطيع دولة مثل إيران شيعيّة، يزيد عدد شعبها قليلاً عن 80 مليون أو 90 من أصل مليار و400 مليون مسلم، أن تحقّق الإنجازات التي ذكرت؟
أجبت: رفعت علم فلسطين. العرب فشلوا في استعادة «فلسطين» من إسرائيل. وفشلوا في منعها من احتلال ما تبقّى منها عام 1967 وفي استعادته لجعله دولة فلسطينيّة. وعندما أطلق الإمام الخميني ثورته عام 1979 ونجح في إقامة الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران طرد ديبلوماسيّي إسرائيل منها وصادر مقر سفارتها وسلّمها إلى ياسر عرفات الزعيم الفلسطيني الأكبر الذي حوّلها بطلب منهم سفارة فلسطين. كسبت إيران بذلك تعاطف العرب والمسلمين على تنوّعهم المذهبي والسياسي. و«حزب الله» الذي رعت تأسيسه في لبنان ومدّته بكل ما يحتاج إليه من رعاية دينيّة وسياسيّة وماديّة وتسليحيّة وتدريبيّة صنع مجدها لأنه هزم إسرائيل في لبنان مرّتين. الأولى عام 2000 عندما أجبرها على الانسحاب من غالبية ما احتلته من أرضه، والثانية عام 2006 عندما منعها من تحقيق أهداف حربها عليه وعلى لبنان بصموده أمام جيشها وأسلحتها 33 يوماً. إلى ذلك أسِّسَت علاقة تحالف وتعاون ودعم مع «حماس» الفلسطينية ثم «الجهاد». وكسبت بذلك تأييد المسلمين الذين أحبطهم «القوميّون» بهزائمهم الدائمة أمام إسرائيل. وأسهمت في نمو الإسلاميّين على تنوّعهم وفي انتشارهم كالفطر.
علّق المسؤول الأميركي المهم السابق نفسه: «هذه نقطة جيدة. أكمِل». ماذا قلتُ؟
55 2 دقائق