عند النظر للواقع الاقتصادي للدول الخليجية في المرحلة الحالية وما يمكن أن تعانيه هذه الدول في المستقبل القريب لا يجب أن يمر على أصحاب القرار والفريق الاقتصادي للحكومة الأردنية وكأن الأمر لا يعنيها ، ولا يجب أن ننسى أو نٌهمل الواقع الحقيقي بأن اقتصادنا مرتبط بالدول الخليجية ارتباط كبير جدا ، فهناك المنح التي تقدمها الدول الخليجية للأردن وهناك الصادرات الاردنية الزراعية والصناعية وغيرها وهناك والأهم – حسب وجهة نظري – التحويلات النقدية لابناؤنا العاملين في دول الخليج .
دول الخليج العربي لا زالت لم تشعر بالأثار السلبية الحقيقية لإنخفاض أسعار النفط بهذه النسبة الكبيرة التي لم يتوقعها أحد ، وبالذات أنها تمتلك سيولة كبيرة تستطيع أن تستغلها فترة من الوقت لإصلاح ما يمكن إصلاحه لسياساتها الافتصادية التوسعية وبالذات في البٌنى التحتية والرواتب والمصاريف والمزايا والخدمات الكبيرة التي تقدمها لمواطنيها ، وعلى المدى القصير لا تظهر بوادر إنخفاض عوائد النفط للعيان بالشكل الذي يٌشعر المواطن الخليجي بأن هناك خلل ما .
الأسئلة التي تطرح نفسها : هل تعي الحكومة الاردنية والفريق الاقتصادي وحتى البنك المركزي مخاطر استمرار أسعار النفط على ما هو الحال عليه ؟ وكيف سيكون الوضع الاقتصادي لدول الخليج العربي إذا استمرت اسعار النفط تدور حول سعر 40 $ للبرميل للعامين القادمين على أقل تقدير؟ هل تعي الحكومة أثر استمرار الحرب الأهلية في سوريا على الوضع الاقتصادي الداخلي في حال تقليص المساعدات الخليجية لهؤلاء اللاجئين ؟ هل تعي الحكومة خطورة تقليص دول الخليج العربي لطلب عمالة اردنية بسبب اوضاعها الاقتصادية السيئة ؟ ، نأمل أن تكون الحكومة والفريق الاقتصادي على دراية بهذه المخاطر التي من شأنها الإضرار بوضعنا الاقتصادي الداخلي ليتراكم مع ما يٌعانيه الاقتصاد الاردني من مشاكل قائمة وخطيرة .
مشاكلنا الاقتصادية الداخلية تتلخص بمديونية كبيرة جدا تقترب تدريجيا لتٌلامس قيمة الناتج القومي وبطالة لا نظير لها وغلاء معيشة لا يتوقف وفوق ذلك هناك ركود اقتصادي لبعض القطاعات المهمة وبنفس الوقت توقف الصادرات لسوريا بسبب الحرب ، والمخاطر القادمة تتمثل بتقليص المنح الخليجية وتقليص العمالة الاردنية وغيرها ، وهذا كله يٌمثل مؤشرات خطر لا يجب التباطؤ بالعمل على وضع الخطط اللازمة لمجابهة ما يمكن أن يٌعانيه اقتصادنا خلال المرحلة المٌقبلة .
نأمل أن يعي أصحاب القرار في الحكومة بضرورة أخذ الواقع الاقتصادي لدول الخليج العربي وبالذات لاقتصاد المملكة العربية السعودية وما يمكن أن يتعرض له من ضربات في المستقبل مأخذ الجد والعمل على تشكيل خلية أزمات من كبار المفكرين الاقتصاديين لوضع الخطط اللازمة لمواجهة الصعوبات وما يخفيه المستقبل القريب .
على الحكومة أن تعي بأن جيب المواطن خط أحمر لإن جيبه فارغ ، والمواطن مديون ، والكثير من أبناؤنا عاطلين عن العمل وبأن البيئة المجتمعية والعلاقات بين أفراد المجتمع تتجه للأسفل بل للحضيض بسبب الأوضاع الاقتصادية المرة وبسبب تخبط السياسات الاقتصادية وعدم ملائمتها مع الواقع والدليل واقعنا الاقتصادي المؤلم الذي يشعر به الغالبية العٌظمى من أبناء الشعب .