شقّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما مسارات جديدة في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أبرم اتفاقية نووية مع إيران ودشن تقاربا مع كوبا، غير أنه يقوم هذا الأسبوع بزيارة لعدد من حلفاء واشنطن القدامى، بهدف بحث التهديدات المتنامية ابتداءً بالإرهاب وحتى الاتجاه للانعزال دوليا.
ومن المقرر أن يقوم أوباما التي تنتهي فترة رئاسته في يناير المقبل، بجولة خارجية تستغرق ستة أيام، تبدأ بالمملكة العربية السعودية، حيث يلتقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ثم يشارك في اجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي.
ويتوجه أوباما بعد ذلك إلى بريطانيا لإجراء مباحثات مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ثم يقوم بزيارة للملكة إليزابيث الثانية، قبل أن يواصل جولته ليزور ألمانيا حيث يعقد جلسة مباحثات مع المستشارة أنجيلا ميركل، ويشهد فعاليات معرض هانوفر التجاري الدولي.
ومن بين القضايا الكبرى التي سيناقشها أوباما خلال زيارته لهذه الدول الثلاث، التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش) في العراق وسورية، إلى جانب أوضاع أوروبا في أعقاب هجمات باريس وبروكسل.
وتأتي قمة مجلس التعاون الخليجي غدًا الخميس، بعد عقد اجتماع لزعماء هذا التجمع الإقليمي مع الرئيس أوباما العام الماضي في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، وحاول أوباما وقتها طمأنة الدول الخليجية في الوقت الذي كان يجرى فيه التفاوض مع إيران حول ملفها النووي.
ومن المقرر أن يتضمن جدول أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي مناقشة قضيتي تنظيم داعش وإيران، ويروج البيت الأبيض بأنه تم تحقيق تقدم فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي منذ الاجتماع المشترك الأخير، مثل وقف إطلاق النار وطرح عملية سلام في اليمن، ووقف الأعمال العدائية في سورية، وتشكيل حكومة وفاق وطني في ليبيا، غير أن المكاسب لا تزال هشة.
وبعد أن يغادر أوباما الرياض متوجها إلى لندن، سيتعين عليه أن يسير على حبل مشدود، فيما يتعلق بمسألة الاستفتاء الذي تعتزم بريطانيا تنظيمه حول البقاء داخل الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، وسيتضمن جدول أعمال الرئيس الأمريكي خلال المباحثات التي سيجريها بعد غد الجمعة مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مناقشة هذا الاستفتاء إلى جانب عدد من القضايا الدولية ومن بينها تنظيم داعش ومكافحة الإرهاب والأوضاع في أفغانستان وأوكرانيا والركود الاقتصادي العالمي.
ويتمثل موقف البيت الأبيض في أن بريطانيا لديها دور قوي تقوم به داخل أوروبا الموحدة، مع التأكيد على أن الاستفتاء على الخروج أو البقاء في الاتحاد الأوروبي هو مسألة يقررها المواطنون البريطانيون، وحدهم.
ومن المقرر، أن يتناول أوباما طعام الغداء مع الملكة إليزابيث التي تحتفل هذا الأسبوع بعيد ميلادها التسعين، كما يتناول العشاء مع الأمير ويليام وزوجته كيت.
ويختتم أوباما جولته الخارجية بزيارة ألمانيا يوم الأحد المقبل، وتشمل الزيارة مرافقة المستشارة ميركل في افتتاح أكبر معرض تجاري وصناعي في العالم والذي يقام في مدينة هانوفر بوسط ألمانيا.
ومن المتوقع، أن تتيح هذه المناسبة فرصة للزعيمين لبعث الحياة في مباحثات إبرام اتفاقية المشاركة عبر الأطلسي في التجارة والاستثمار، والتي من شأنها إقامة أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم حيث يبلغ عدد سكانها 800 مليون نسمة.
وهذه الاتفاقية التجارية المأمولة والتي تم التفاوض بشأنها بين الولايات المتحدة وأوروبا تراجعت مكانتها أمام اتفاقية تجارية أخرى بقيادة الولايات المتحدة، وتشمل الدول الواقعة على سواحل المحيط الهادي، كما أن اتفاقية المشاركة عبر الأطلسي ليس أمامها فرصة قوية لتحقيق تقدم خلال عام انتخابات الرئاسة الأمريكية، خاصة وأن الحملات الانتخابية في الانتخابات التمهيدية كشفت عن أن معظم المرشحين الرئيسيين اتخذوا مواقفا قوية مناهضة لهذه الاتفاقية.
وقال هيثر كونلي الخبير بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ومقره واشنطن “إن الوقت ليس في صالح أي طرف في الوقت الحالي”، وأشار إلى وجود نقاط مهمة “مجهولة” على خلفية اتفاقية المشاركة الأطلسية ليس في الولايات المتحدة وحدها، ولكن أيضا في ألمانيا وفرنسا اللتين ستشهدان انتخابات العام المقبل.
ومن المقرر، أن يبحث أوباما مع ميركل توسيع التعاون في مجال الاستخبارات ومواجهة الإرهاب داخل أوروبا بعد الهجمات التي وقعت فيها خلال الأشهر الأخيرة، إلى جانب مناقشة التحديات التي تشكلها أزمة المهاجرين الحالية.
وكان البيت الأبيض قد أشاد “بالشجاعة الهائلة والرؤية الثاقبة” لميركل، تجاه أزمة المهاجرين واللاجئين، غير أن الولايات المتحدة تركت إلى حد كبير الأوروبيين ليتعاملوا بأنفسهم مع هذه الأزمة، وبدلا من تقديم يد المساعدة، أكدت الولايات المتحدة ضرورة التوصل إلى حل للمشكلات السياسية في سورية، وركزت على مساعدة اللاجئين، وهم لا يزالون في دولهم بالشرق الأوسط.