أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، أن تعزيز قيم السلام والحوار، هو إقرارٌ للأمن والاستقرار، على جميع المستويات، مشيراً إلى أن التفكير في أنجح الوسائل لتعزيز هذه القيم، هو المدخل إلى صناعة السلام، وأن الربط بين السلام والحوار هو ربط محكم لا سبيل إلى فصله.
وقال في كلمة ألقاها اليوم في افتتاح الندوة الدولية حول تعزيز قيم السلام والحوار تعقد في مدينة سوسة، بالتعاون بين الإيسيسكو والألكسو ووزارة التربية التونسية وولاية سوسة، إن من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها هذه الندوة الدولية، إشاعة ثقافة السلام وتعزيز ثقافة الحوار، بعد تأصيلهما علمياً وتأكيدهما عملياً، على اعتبار أن ثقافة السلام هي القاعدة لثقافة الحوار على مختلف الأصعدة، لأن السلام الثقافي هو حجر الزاوية في السلام الواقعي على الأرض، لأنه سلام العقل والروح والوجدان، الذي هو تعزيزٌ للأمن، وتوطيدٌ للتعاون، وتحقيقٌ للاندماج السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في مواجهة التحديات التي تفاقمت حـدّتها، من تفشي العنف والتشدد والتطرف، وانتشار الإرهاب بأشكاله، إلى تصاعد موجات الهجرة غير القانونية، إلى التوسع في الاتجار في البشر، وتنامي وتيرة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات وتهريب السلاح.
وتحدث عن الوضع الدولي الحالي، فقال إن من التحديات الكبرى التي يواجهها العالم اليوم، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تـَنـَامِي ظاهرة الإرهاب وتفاقمها وانتشارها على رقعة واسعة.
وذكر أن ربط الإرهاب بالإسلام هو ازدراء بالدين الحنيف، وافتراء على الحقيقة وتحريف لها، مؤكداً أن الإسلام براء من الجماعات الإرهابية، وأن الإرهاب مدان والإرهابيين مجرمون قتلة.
وأكد أن عالمنا اليوم في أشد الحاجة إلى تضافر جهود المجتمع الدولي من أجل تعزيز قيم السلام والحوار. وقال إننا نجتمع في هذه الندوة، لنساهم في تأصيل مفاهيم السلام، ولتأكيد مضامين الحوار، ولنقدم مثالاً رائعاً من الجهد المشترك على هذا الصعيد، ولنطلق من هذه المدينة الرائعة التي تعرّضت في وقت سابق إلى الإرهاب، نداء إلى المجتمع الدولي لمضاعفة الجهد من أجل محاربة الإرهاب بكل أشكاله وبشتى الوسائل، وللتعاون على نشر رسالة السلام وثقافة الحوار على أساس من القيم الإنسانية المشتركة، ومن تعاليم الرسالات السماوية، ومبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبيَّـن أن هذه الندوة تعقد في ظل التحولات والتطورات المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تحمل في طياتها تحدياتٍ جساماً على عديد المستويات، لبحث هذه التحديات، ولإيجاد السبل الكفيلة بالتغلب عليها، ولوضع خريطة الطريق تعزيز أمن الأوطان والمجتمعات، وتعمل على بناء القاعدة المتينة للسلم الأهلي، وللوئام المجتمعي، وللعيش المشترك في ظل العدل الشامل، والأمن الوارف، والتوافق الجامع.
وقال الدكتور عبد العزيز التويجري في الجلسة الافتتاحية للندوة بحضور رئيسة جمهورية مالطا، ورئيس الحكومة التونسية وعدد من الوزراء، والمدير العام للألكسو، ورئيس البرلمان العربي وممثل الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي، وشخصيات سياسية وثقافية وأكاديمية مدعوة للمشاركة في الندوة، إن من شأن الدراسة العلمية لهذه التحديات، أيـّاً كانت طبيعتها، أن تثمر نتائج بالغة الأهمية، تمهد السبيل نحو التعامل مع المضاعفات التي تنتج عنها، ووقف التداعيات المترتبة عليها، مبينـاً أن المعالجات التقنية ذات الأوجه المتعددة، على أهميتها البالغة وضرورتها المؤكدة وتأثيرها الواضح، لا تكون ذات مردودية تغني وتفيد في جميع الأحوال، إذا لم تستند إلى الدراسات المنهجية المتأنية التي يقوم بها الخبراء والباحثـون والأكاديميون من ذوي الدرايـة الواسعة والمعرفة المتخصصة المتعمقة، بحيث يقترن الفكر بالعمل، والنظرية بالتطبيق على أرض الواقع.
وأوضح أن هذه الندوة الدولية هي إسهام في تعزيز قيم السلام والحوار، تعقد في هذه المدينة المتطورة الناهضة التي هي اليوم رمـزٌ للصمود والثبات والقدرة على التحدي، لإبراز العلاقة المتينة المتشابكة والمتداخلة بين السلام وبين الحوار، إذ لا سلام واقعياً مستقراًً ثابت الأركان، بدون حوار مسؤول بين الشركاء في الوطن الواحد، ثم بين الفرقاء الذين ينتمون إلى الإقليم الجغرافي، ثم بين الذين ينتمون إلى المنطقة الأورومتوسطية، ثم يرتقي الحوار حتى يصل إلى مستوى الحوار على صعيد الأسرة الإنسانية بكاملها.
وأكد المدير العام للإيسيسكو أن الحوار بالمفهوم العميق والمدلول الواسع، لا سقف له ولا حدود ينتهي إليها، ولأن الحوار إنما هو بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، والحوار بين المواطنين في الدولة الواحدة على اختلافٍ في المشارب والمذاهب والتوجّهات، وحوار شمال-جنوب، وحوار جنوب-جنوب، والحوار بين دول الحوض المتوسطي، وبين دول جنوب الصحراء والساحل الأفريقي. والهدف المشترك الجامع بين هذه الحوارات على تعدد مجالاتها، هو بناء السلام في العقل والسلام على الأرض في المقام الأول؛ من أجل صناعة المستقبل الآمن والمزدهر للبشرية جمعاء.