أحتفظ في مكتبي بملفات مصدرها دور الفكر والبحث والميديا العالمية للدول العربية الكبرى والولايات المتحدة وتركيا وإيران وغيرها. في الأسابيع الأخيرة زدتُ ملفاً جديداً عنوانه «اللاساميّة»، ففي كل يوم هناك خبر أو أخبار عن اللاساميّة في هذا البلد أو ذاك.
رئيس حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن متهم بالتغاضي عن اللاساميين في حزبه، ورئيس مجلس النواب اليهود جوناثان أركوش (أو عركوش) طالبه بتطهير الحزب من لاساميين بعضهم يتحدث عن «حثالة صهيونية» ويقارن موقف إسرائيل من الزواج المختلط (يهودي وغير يهودية) بقوانين العنصرية النازية التي صدرت في نورمبرغ، وهناك نشطة في حزب العمال قالت إن اليهود يقتلون الأبرياء، في إشارة إلى جرائم حكومة بنيامين نتانياهو ضد الفلسطينيين. مجلس النواب اليهود في بريطانيا عاد إلى مهاجمة كوربن واتهامه بالصمت عن اللاساميّة. أعتقد أن هذا المجلس يريد من كوربن أن يتغاضى عن جرائم إسرائيل اليومية بحق الفلسطينيين.
كل المتحدثين في «أسبوع أبارتهيد إسرائيل» اتهموا باللاساميّة، وأركوش اعترض على مسرحية نظمت في يورك خلال «أسبوع أبارتهيد إسرائيل»، وقرأت أن منظم برنامج يورك هو تومي كوربن، ابن جيريمي كوربن.
ومن الابن إلى الشقيق. فالأخ الأكبر لزعيم حزب العمال هو لاري كوربن من حزب الخضر ويؤيد الفلسطينيين، وله على مواقع التواصل الاجتماعي مواقف جريئة من نوع: يجب أن تنهي إسرائيل احتلال الضفة الغربية وحصار قطاع غزة وتعطي الفلسطينيين في إسرائيل مساواة في الحقوق. نتانياهو عقبة في وجه السلام. نعم (لحملة) مقاطعة سحب استثمارات عقوبات.
لو كان العداء لإسرائيل وجرائمها وقفاً على أعضاء في حزب العمال أو شقيق رئيس الحزب وابنه لما كتبت عن الموضوع اليوم، إلا أننا نجد على الجانب الآخر للمحيط الأطلسي، وفي واشنطن تحديداً، أن السناتور باتريك ليهي كان بين عشرة أعضاء ديموقراطيين في مجلس الشيوخ وجهوا رسالة إلى وزير الخارجية جون كيري تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم قتل ضد الفلسطينيين خارج نطاق القانون، وتقدم أمثلة على جرائمها.
ما سبق في شرق الولايات المتحدة، أما في غربها على شاطئ المحيط الهادي في كاليفورنيا، فكل جامعة في الولاية تضم طلاباً يعارضون إسرائيل وجرائمها، وتتهمهم عصابة ليكود الأميركية باللاساميّة. جامعة كاليفورنيا قررت تحت ضغط عصابة إسرائيل وصف العداء للصهيونية بأنه لاساميّة. حسناً، أنا أعارض الصهيونية وأدينها وأتحداهم إلى مواجهتي.
اللاساميّة الجديدة أطلقتها حكومة نتانياهو، فهي حكومة أبارتهيد وقتل، والفساد نخر جلدها، فوزير الداخلية أريي ديري (أو درعي) حوكم بتهمة الفساد وحكِم عليه بالسجن وخرج ليرأس حزب شاس المتطرف، وعاد إلى الحكومة مع نتانياهو، وهو الآن يُحاكم من جديد بتهمة الفساد.
الفساد أهون ما في الحكم في إسرائيل فهو مجرم وكل يوم خبر جديد. في يدي موضوع تناقلته ميديا العالم عن تجنيد الألماني النازي هاينز كروغ في الاستخبارات الإسرائيلية لقتل فلسطينيين وغيرهم من معارضي إسرائيل. نازي قديم يعمل للنازيين الجدد. ولعل القارئ سمع أن روبوت (إنسان آلي) طورته شركة مايكروسوفت لاختبار الذكاء الاصطناعي، ثم سحبته بسرعة بعد أن أرسل تغريدات تدين إسرائيل أو تقول إن هتلر كان على حق في كره اليهود، وإن بوش الابن وراء إرهاب 11/9/2001.
وهكذا فمن بريطانيا (وأوروبا كلها) حتى شرق الولايات المتحدة وغربها هناك إجماع على إدانة إسرائيل، وأنا من هذا الإجماع.