لم يمر على نشر أغنية «لمعلم» للفنان المغربي سعد لمجرد (30 سنة) على «يوتيوب» إلّا ثلاثة أشهر، ومع ذلك تخطت المشاهدة 100 مليون زائر، لتكون بذلك الأغنية العربية الأولى التي تحقق هذا المقدار من المشاهدة، متفوقة على أغنية «بشرة خير» للمغني الإماراتي حسين الجسمي التي كانت من أكثر الأغاني العربية مشاهدة على الموقع خلال عام 2014، ووصلت أخيراً إلى 100 مليون مشاهدة منذ العام الماضي.
ما فعله الجسمي في سنة فعله لمجرد في ثلاثة أشهر، بحسب صحيفة “الحياة”، وهذا يعد انتصاراً كبيراً نسبة إلى عمره الفني الصغير مقارنة بفنانين مثل الجسمي واللبنانيتين نانسي عجرم ونجوى كرم اللتين لم تصلا بأغنية لهما إلى هذا الرقم الكبير خلال فترة قصيرة. إذاً، ما الذي دفع الناس في العالم العربي إلى البحث عن هذه الأغنية للاستماع إليها، على رغم أن مضمون الأغنية من كلمات ولحن لا يبرر تماماً هذا الإقبال الهائل والأول من نوعه في هذه المنطقة غير المستقرة بأوضاعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟، هل هو الفضول الذي دفع المشاهد إلى أن يحذو حذو الآخر بحيث بات التأثير مثل سقوط حجارة الدومينو؟ قد يكون الفضول من أكثر الأسباب ترجيحاً، إذ إن الجنس البشري عموماً لديه هذه الحسنة (عندما تستعمل في الزمان والمكان المناسبين) – السيئة (العكس)، فكيف الحال إذا كان هذا الجنس عربياً من ميزاته الحشرية ومعرفة الأخبار والمستجدات، ولكن على صعيد فردي أكثر منه من الصعيد العام؟.
بالعودة إلى الأغنية، هي خليجية من كلمات جلال الحمداوي وألحانه وتوزيعه. كلماتها سهلة ولحنها بسيط مثل هذا الجيل، تعبر عنه لكنها لا تعبر عن شيء آخر، وعلى رغم أن لمجرد أداها في شكل جيد كونه مغربياً يغني أغنية باللهجة الخليجية، فإنه لم يعط الآذان ما تريد أن تسمعه، إلا إذا كان همه ركوب الموجة السارية راهناً.
عندما شارك في مسابقة «سوبر ستار» عام 2007، لم يفز لمجرد بل حصل على المركز الثاني، فيما توج التونسي مروان علي باللقب، لكنه تفوق عليه وعرف كيف يستخدم صوته للوصول إلى النجومية. ووقتذاك لقّبه الياس الرحباني بـ «خوليو العرب» لكن أحداً لم يحرك ساكناً لمساعدته في الانطلاق في مسيرته الفنية. فغاب سنتين حضّر خلالهما أغنية بعنوان «واعديني» صوّرها في ولاية كاليفورنيا الأميركية ونالت استحسان الشباب المغاربة فقط.
وعام 2012، أراد أن يوسع نطاق جمهوره، فأطلق أغنية «سالينا» التي منحته ما أراده وانتشر قليلاً في بعض الدول العربية. وبعد سنة، أطلق ألبوم «ولا عليك» الذي نجح، وكان لأغنيتي «انت باغية واحد» و «مال حبيبي مالو» دور كبير في انطلاقته الحقيقية، فحققت الأولى نسبة مشاهدة وصلت إلى 54 مليون مرة، والثانية 84 مليون مرة. وبذلك، أوصلتاه إلى أن يرشَّح لجائزة «mtv Europe music award». أما الأغنية الأحدث «لمعلم» فكان صداها مدوياً منذ الشهر الأول الذي أطلقت فيه فدخلت مجموعة «غينيس» للأرقام القياسية عن أسرع أغنية تحقق أكثر من 90 مليون مشاهدة.
كثر يريدون أن يكونوا مثل لمجرد، لكن الحظ لا يحالف الكل. ويمكن أن يكون لتربيته في كنف عائلة موسيقية (والده الفنان المغربي البشير عبدو ووالدته الممثلة نزهة الرغراغي) دور بارز في وصوله إلى ما هو عليه. لكن نحن في زمن أصبحنا في حاجة ملحة إلى الاستماع لموسيقى جيدة لا تلوث آذان السامعين، وكلمات فيها قليل من المعاني التي تجبر الشخص على الإنصات، وصوت مبدع يوصل رسالة الكلمات واللحن بإتقان وأمانة.