إن المشكلة الأساس التي عصفت بالعراق وجرته إلى وضعه الحالي هي الطائفية, فبسبب الطائفية أصبحت المحاصصة السياسية التي أدت بالكتل السياسية أن تتحكم بقرارات وزرائها التي تصب في مصلحة الحزب والكتلة التي ينتمي لها من أجل الحصول على ما يعود عليها بمكسب مادي أو قرار يصب في مصلحتها وهذا ما أدي إلى فشل أداء الوزارات كافة حتى وإن كان بعض الوزراء يتمتعون بالخبرة والكفاءة, فكفاءتهم وخبرتهم أصبحت حبيسة ولائهم للكتلة والحزب الذي ينتمون له, لأن القرار الصادر منهم هو قرار سياسي يصب في مصلحة الكتلة والحزب وليس قرار مهني يخدم الشعب.
وهذا ما فتح أبواب الفساد المالي والإداري وبشكل كبير, فحدثت السرقات والاختلاسات والصفقات الفاسدة التي أفرغت خزينة الدولة من جهة وتكون أرصدة مالية كبيرة في المصارف لحساب أشخاص وجهات وأحزاب, وهذا ما دفع بالشعب أن يخرج منتفضاً يطالب التغيير الشامل والجذري ومحاسبة المفسدين, لكن ما حصل اليوم هو تغيير كابينة وزارية على أساس – تكنوقراط – كاذب وزائف يراد منه امتصاص غضب الجماهير العراقية, وأعلن العبادي عن كابينة جديدة لكنه أبقى على وزيري الدفاع والداخلية !!.
وهذا ما يجعل تغيير العبادي تغيير شكلي وسطحي وغير واقعي, لآن تلك الوزارتين هما الأداتين التي تستخدمها الأحزاب والكتل على تجذير الطائفية وتعميقها بشكل أكبر وأوسع, وبدليل ما يحدث يوميا على المشهد العراقي من حدوث انتهاكات إنسانية وعلى أساس طائفي مقيت تقوم بها الأجهزة المنتمية أو المنضوية تحت تلك الوزارتين, فالمنظومة العسكرية والمنظومة الأمنية – الداخلية – في وضعهما الحالي يمتازان بالولاء لدول إقليمية, هذا على مستوى القيادات البارزة من وزير فما دون, كما إن أغلب القيادات الموجودة تفتقر للخبرة والكفاءة والمهنية.
وكان حجة العبادي بالإبقاء على وزيري الداخلية والدفاع هو الوضع الأمني الراهن!!, فالوضع الأمني الراهن يتطلب وجود وزيرين كفوئين يشغلان منصبي الداخلية والدفاع لأن الوضع الأمني في تدني واضح ومن سيء إلى أسوأ, كما إن هذين الوزيرين يعملان وفق نفس طائفي بحت, فكلاهما الآن خاضع لأوامر مليشيات الحشد الإيراني بل لا سلطة لهما على مليشيا الحشد وبدليل ما يحصل من منع لقوى الأمن والجيش من دخول بعض المناطق, وكذلك عمليات الخطف والإبتزاز التي تقوم بها تلك المليشيات وعلى أساس طائفي وبتعاون من تلك الوزارتين, يضاف لذلك عمليات القتل والتهجير على أساس طائفي ومذهبي في بعض المحافظات العراقية كديالى والبصرة وبغداد وصلاح الدين وكركوك والانبار تقوم بها تلك المليشيات وبتعاون واضح من قبل تلك الوزارتين, فالإبقاء على وزيري الدفاع والداخلية وعدم شمولهم بالتغيير الوزاري هذا يعني إن العبادي لم يغير شيء وأن ما حصل من تغييرات جديدة هي شكلية وسطحية.
بل إن التغيير الحقيقي الذي يجب أن يحصل هو كما رسم معلمه المرجع العراقي الصرخي في بيان ” مشروع خلاص ” والذي جاء فيه …
{{… 3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد الى التحرير التام وبرّ الأمان .
4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .
5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية، وخالية من التحزّب والطائفية، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .
6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها إلى وزرائها .
7- ما ذكرناه قبل قليل يشمل وزيرَيْ الداخلية والدفاع ويجب تشكيل منظومة عسكرية جديدة تمتاز بالمهنية والوطنية والولاء للعراق وشعب العراق ولا يوجد أي تحفّظ على المنتسبين لها سواء كانوا من ضباط نظام سابق أو نظام لاحق ماداموا مهنيين وطنيين شرفاء …}}.
كما إن الملاحظ على التغيير الوزاري هو عبارة عن خليط من شخصيات متباينة في الولاء والعمالة في ما بين إيران وأمريكا وبريطانيا, فمثلاً وزير الخارجية الجديد معروف بإرتباطه الاستخباراتي المباشر مع بريطانيا, ووزيري الداخلية والدفاع وكما بينا مرتبطين بإيران, أي إن الوزراء الجدد – فرضاً – حتى وإن كانوا مستقلين فإنهم تابعين لدول شرقية وغربية بالمباشرة, وهذا يعني اختصار حلقات الوصل والاستغناء عن الكتل والأحزاب لكي تكون الشخصيات التي حصلت على مناصب وزارية لها ارتباط مباشر مع الاستخبارات العالمية, وهذا يعني إن التغيير لم يكن تغييراً حقيقياً وإنما شكلياً فقط وفقط لأن المرشحين الجدد مستقلين عن الأحزاب والكتل لكن مرتبطين مباشرة بالدول التي ترعى نفس الكتل والأحزاب, لذا يجب أن يكون التغيير جذري حقيقي يقتلع كل جذور الفساد وذلك لا يكون إلا بحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة عراقية يكون جميع أعضائها عراقيين شرفاء مخلصين غير مرتبطين بأجندات خارجية, كما بين ذلك المرجع العراقي الصرخي في مشروع خلاص.