دوشة فنية

تورط فنانين في الصراعات السياسية بفضائح جنسية

قد تبدو العلاقة بين السياسة والفضائح الجنسية بعيدة، لكنها في الحقيقة قريبة لدرجة التداخل، والتاريخ الحديث يشهد على وقائع الاستغلال السياسي للفضائح الجنسية، كواحدة من أدوات الضغط على السياسيين وإجبارهم على بعض المهام.

عمليات الكنترول   

«عمليات الكنترول» هو الاسم الحركي للعمليات التي كان يتم فيها استخدام الدعارة في السياسة، عن طريق تجنيد بعض الفتيات والشباب، ودفعهم لإقامة علاقات جنسية مع شخصيات سياسية مصرية أو أجنبية، وتصوير تلك العلاقات وابتزاز أصحابها، إما للحصول على معلومات، وإما للتجنيد في أجهزة أمنية.

يقول الضابط «موافي» وهو يشرح المقصود بعمليات الكنترول: «عمليات الكنترول، التي كان يطلق عليها أيضًا العمليات الخاصة أو بعبارة أدق التي كانت جزءًا من العمليات الخاصة يقصد بها الحصول على صور أو أفلام تثبت وجود علاقة جنسية مشينة للشخص المطلوب السيطرة عليه حتى يمكن استغلال هذا الأمر في أعمال المخابرات في الضغط على هذا الشخص علشان أشغله معايا أو تجنيده للعمل لحساب المخابرات، وقد تستخدم هذه العمليات على مستوى سياسى كسلاح في يد الدولة بالنسبة للشخصيات الكبيرة في البلاد الأخرى، وأحيانًا أعمل الكنترول على شخص مجند فعلًا لضمان ولائه لجهاز المخابرات وإيجاد وسيلة استخدمها في الوقت المناسب للضغط عليه إذا ما حاول أن يقوم بعمل مضاد لي أي لجهاز المخابرات. وقد لا يكون الكنترول على علاقات نسائية، حيث أجريت عمليات عن نواحي شذوذ جنسي بالنسبة لبعض الأجانب، وكان عندنا مندوبات في القسم لاستغلالهن في تنفيذ العمليات مقابل مكافآت كانت تصرف لهن».

لكن: من هو الضابط موافي؟ الإجابة في المحضر الذي فتح للتحقيق معه في يوم الخميس الموافق 29/2/1968 بمبنى مجلس قيادة الثورة بالجزيرة، في القضية المعروفة باسم «انحرافات جهاز المخابرات».. يقول «اسمي محمد صفوت محمد الشريف واسمي الحركي موافي سني 35 عاما، رئيس منطقة عمليات بإدارة المخابرات العامة سابقًا وبالمعاش».

محضر التحقيق الذي نشر صورة منه، جاء فيه تفاصيل كيفية تجنيد العناصر، ويقول الشريف في أقواله بالمحضر إن «عمليات تجنيد المندوبات كانت تتم بعد ترشيحات وتجري تحريات كاملة عنهن، ويتم الكشف عنهن في الآداب والمباحث العامة، ويمررن بجميع مراحل التجنيد المختلفة حسب النظام المتبع في قسم المندوبين وبعد التجنيد الذي لا يتم إلا بعد تصديق السيد/ حسن عليش، الذي كان يرأس هيئة الأمن القومي، شخصيًا يتم وضع خطة تشغيل وتحديد قيمة المكافأة الشهرية والتي يصدق عليها السيد/ حسن عليش أيضًا، إذ كانت جميع المكافآت التي تصرف للمندوبين عمومًا بتصديق منه».

ويحكي الضابط موافي كيف بدأت فكرة إجراء عمليات الكنترول فيقول «في نهاية سنة 1962 أو بداية سنة 1963 وكان ذلك على أثر مؤتمر عقده حسن عليش لضباط قسم المندوبين الذي كان يرأسه في ذلك الوقت جمال عباس، واقترح عليش في هذا المؤتمر عدة اقتراحات لتطوير العمل في قسم المندوبين، وكان من ضمن هذه الاقتراحات استخدام العنصر النسائي في الحصول على وسائل سيطرة تستخدم في تجنيد الأجانب والدبلوماسيين للحصول على معلومات تفيد في أعمال المخابرات وكمرحلة من مراحل تجنيدهم بمعنى أن السيدات ينشئن علاقات مع هذه الأهداف، ويتم تصويرهم في أوضاع مشينة لاستغلالها في الغرض سالف الذكر».

ويستكمل موافي «وأشار حسن عليش في المؤتمر إلى أن هذه الوسيلة تستخدم في أعمال المخابرات في الدول الأجنبية، وإحنا فعلًا كنا من قبل كده بندرس المسألة دى ضمن الفرق التي كنا نتدرب فيها على أعمال المخابرات، إنما كانت مجرد مبادئ على الورق، فأراد حسن عليش بالمؤتمر الذي عقده أن يخرجها إلى حيّز التنفيذ وعقب هذا المؤتمر قام جمال عباس باعتباره رئيس قسم المندوبين بعقد مؤتمر آخر كلف فيه الضباط كل في نطاق عمله بإجراء الدراسات اللازمة لتطوير العمل في قسم المندوبين بما في ذلك تنفيذ عمليات استخدام العنصر النسائي على النحو السابق إيضاحه».

مذكرات اعتماد خورشيد 

ليس التحقيق مع صفوت الشريف وحده هو الذي يكشف عن تداخل السياسة بالدعارة تحت مسميات عدة أهمها «الحفاظ على الأمن القومى للبلاد»، ففي مذكراتها كشفت اعتماد خورشيد زوجة صلاح نصر، رئيس المخابرات المصرية في عهد ثورة يوليو وحتى نكسة 1967، حقيقة استخدام نظرية «السمو الروحاني»، تقول اعتماد في مذكراتها «إن فلسفة عمل موافي نابعة من دراسته نظريات السمو الروحاني الذى تعلمها في أحد معابد الهند في بداية عمله عام 1957، وشرح لها طبيعة النظرية بأنها عبارة عن انفصال الروح عن الجسد بتمرينات معينة تقوم بها المرأة ويستخدم بعدها جسدها في أي شيء لأنه يعتبر (خرقة) لا يفيد مثل الجسد الميت، وبالتالي يمكن استخدامه حتى ولو وصل للشذوذ! وأن السمو الروحاني أمر أساسي في تلك الأعمال، ويحقق النجاح في تجنيد العملاء، والحصول منهم على المعلومات المطلوبة».

وأضافت أن صفوت الشريف أخذ يردد بأن «الجنس هو أقصر الطرق للحصول على المعلومة»، ثم بدأ في شرح تفاصيل فلسفة السمو الروحاني، «يمكن لاثنين من الرجال ممارسة الجنس معا.. وممكن لامرأتين أيضا.. وهنا يمكن الحصول على المعلومات من الشخص الشاذ أسرع من الطبيعي، لأنه سيكون واقعًا تحت تأثير الشذوذ وفضح الأمر، وبالتالي بعد إهانته وشعوره بالذنب يمكن وضعه تحت السيطرة، فينفذ ما يطلب منه وبدون تردد خشية الفضيحة! مؤكدًا أن ليس للدين دخل في أعمالنا، فالجسد ليس له قانون خاص، وليس له أهمية من حيث استخدامه».

وذكرت اعتماد في كتابها أسماء بعض الفنانات اللاتي تعرضن للاستغلال والابتزاز الجنسي، بعد تصويرهن عرايا، بل وقالت في لقاء تليفزيوني بعد ثورة 25 يناير إن صفوت الشريف تمكن من تصوير حسني مبارك نفسه.

فنانات ينكرن 

الفنانتان مريم فخر الدين وشويكار، ورد اسماهما في مذكرات اعتماد خورشيد، إلا أنهما نفتا هذه الاتهامات، مشددتين على أن ما ذكرته «مليء بالتهويل وبالأكاذيب والقصص غير الواقعية، التي لم تحدث»، وقالت مريم فخر الدين في حديث تليفزيونى لها، إن اعتماد تعمدت الكذب والتلفيق في إطار سعيها للشهرة التي لم تنلها في الفن، وهو تقريبا نفس ما قالته الفنانة شويكار، إذ قالت عن اعتماد خورشيد إن «هذه المرأة افترت كثيرًا، وروّجت لقصص وحكايات عني وعن غيري لا صلة لها بالحقيقة».

عمر الشريف يعترف     

لكن عمر الشريف أكد ما جاء في مذكرات عماد خورشيد في محاولات تجنيد بعض الفنانين في أعمال مخابراتية، فقال عمرو الشريف في لقاء تليفزيوني أذاعته قناة «العربية» بعد وفاته كآخر حوار معه، إن المخابرات العامة حاولت تجنيده، وطلبت منه إقامة علاقة مع ممثلة لبنانية تمهيدًا للوصول إلى والدها وتصفيته. ووافق في البداية وكان جزءًا من التمويه، أن يسب عبد الناصر في العلن، ويصل السباب إلى أُذن والد الفتاة أكثر من مرة، ليطمئن إلى أن الفنان المصري على خلاف مع النظام في بلاده، ولا قلق منه، لكن عمر عاد واعتذر عن المهمة، ولأسباب غير معروفة تم قبول اعتذاره.

وبعد هذا التصريح كشف الناقد الفني طارق الشناوي، أن الفنانة التي كان يقصدها عمر الشريف هي الفنانة اللبنانية، نضال الأشقر، معتمدا على معلومات من مصادره الخاصة، ومستندا إلى أن الفنانة نضال الأشقر هي ابنة عائلة سياسية، ووالدها هو أسد الأشقر، الرئيس السابق للحزب القومي السوري، وكان على خلاف مع النظام المصري وق

فاتن حمامة تهرب 

ربما ما قالته الفنانة الراحلة فاتن حمامة من محاولات تجنيدها وهروبها من مصر دليل جديد على تلك المحاولات القديمة لاستغلال الدعارة، وكان عقابها أن تم التشهير بها، والكتابة في المجلات والصحف أن فاتن على علاقة بمخابرات دولة عربية، وعليه منعت من المشاركة في المهرجانات الفنية كمحاولة للضغط عليها للتجنيد، لكنها رفضت وأصرت على موقفها

وفي مذكرات فاتن التى نشرت في عدد من الجرائد عام 2013، قالت فيها إن الفترة التى انفصلت فيها عن زوجها عمر الشريف فوجئت بزيارة من أحد الأشخاص ويعطيها كتابا عن التخابر، وبعد أن قرأته خافت على نفسها وأسرتها، وهربت إلى بيروت، وهناك نشرت اعترافاتها دون ذكر أسماء، وقالت إنها تعرضت لتهديدات مباشرة لإجبارها على العمل لصالح الجهاز، وتضيف فاتن بأن بعد قضية انحرافات جهاز المخابرات، علم الرئيس جمال عبدالناصر بالموضوع، ووصلها اعتذار من عبدالناصر، طالبا منها أن تعود إلى مصر، لكنها عادت بالفعل بعد وفاة عبد الناصر.

https://youtu.be/lCYGNQGYN4w

https://youtu.be/RKCnIjPI9AQ

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى