- أهم الأخباراخترنا لكالأخبار

«معركة تدمر».. تقدُّم سوري وتخبُّط أمريكي

في الوقت الذي تُكثَّف فيه الاتصالات واللقاءات السياسية ، وتتصاعد فيه مساعي القوى الدولية لحل الأزمة السورية بطريقه سياسية، لم تتوقف المعارك على الأرض في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش ، ويسعى الجيش السوري لاستعادتها من القبضة الإرهابية.

“تدمر” على طريق التحرير      

اتجهت أنظار الجيش السوري خلال الفترة الأخيرة إلى مدينة تدمر، حيث خططت القوات السورية جيدًا، ونسقت مع القوات الروسية؛ بهدف استعادة المدينة الاستراتيجية من قبضة تنظيم داعش، الذي يسيطر عليها منذ 20 مايو الماضي. وبالفعل باتت المدينة قاب قوسين أو أدنى من تحريرها، بعد معارك متتالية دارت في أنحاء المدينة وعلى مشارفها، وأدت إلى تكبد التنظيمات الإرهابية خسائر بشرية ومادية ولوجستية كبيرة؛ ما أدى إلى انهيار دفاعات الإرهابيين وبدء انسحابهم شرقًا، وبات الجيش السوري على بُعد 1كم من عمق المدينة الأثرية في ريف حمص، بعد أن حرر مساحة 105 كيلو مترات مربعة بين تلال وسلاسل جبال ومساحات سهلية.

تمكن الجيش السوري بغطاء جوي روسي وبعد معارك عنيفة، من دخول مدينة تدمر الأثرية من الجهة الجنوبية الغربية، بعد عشرة أشهر على سيطرة جماعة داعش الإرهابية عليها، وتدميرها للعديد من معالمها الأثرية، حيث دخلت القوات السورية المدينة، بعد أن تمكنت من تحرير منطقة المثلث، وهي نقطة التقاء عدد من الطرق المؤدية من تدمر إلى حمص شرقًا ودمشق، وبتحرير هذه المنطقة تم قطع أحد طرق الإمداد الرئيسية للجماعات الإرهابية.

على صعيد متصل تمكن الجيش من تحرير السفوح الشمالية والغربية لجبل الطار، وهو ما قطع الطريق الأساسي لإمدادات جماعة داعش، كما استطاع تحرير حي القصور في مدينة تدمر وجبل الهيال المطل على مدينة ‫تدمر من الجهة الجنوبية الغربية، وعدد من التلال الأخرى في سلسلة جبال الحزم الأوسط غرب القريتين، ومنطقة السبخات ومحطة الكهرباء غرب تدمر.

أهمية المعركة

تنبع أهمية المعركة من كون المدينة أثرية وتاريخية، إلى جانب أنها استراتيجية بشكل كبير، حيث تفتح الانتصارات السورية في مدينة تدمر الباب أمام الجيش السوري للوصول إلى مناطق في شرق سوريا، وهو ما يؤهله لاستعادة مدينة البادية من داعش على سبيل المثال، وصولًا إلى الحدود السورية العراقية شرقًا، أي مساحة تصل إلى 30 ألف كيلو متر مربع، وهو ما أكدته وزارة الدفاع الروسية، الشريك الأول لانتصارات الجيش السوري، حيث أعلنت أن استعادة مدينة تدمر ستفتح الطريق إلى الرقة ودير الزور، وتهيئ الظروف للسيطرة على حدود العراق.

تخبط أمريكي

في الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش يشكل أولوية قصوى بالنسبة لإدارته، وأنه سيواصل قتال التنظيم حتى طرده من سوريا والعراق وحتى تدميره تمامًا، يأتي إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن عدم ترحيبها بجهود القوات السورية لاستعادة مدينة تدمر من قبضة جماعة داعش الإرهابية؛ لتشكل حالة من التناقض بين التصريحين، وتوحي باضطراب داخل المؤسسة الأمريكية.

قال المتحدث باسم وزارة الخارية الأمريكية، مارك تونر، إن الولايات المتحدة تدعم جميع الجهود الرامية إلى مكافحة جماعة داعش، لكنها لا تنوي الترحيب بهجوم القوات الحكومية السورية على مدينة تدمر، وأضاف: إنني لن أرحب بذلك، موضحًا أنه من وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن عمليات دمشق ضد المعارضة هي التي أسفرت عن تقوية شوكة الجماعة الإرهابية في الأراضي السورية، على حد تعبيره.

لؤلؤة الصحراء.. ما هي؟

تعد مدينة تدمر من أهم المدن السورية التي تحوي تاريخ الدولة وآثارها، حيث تسمى بـ “لؤلؤة الصحراء السورية” أو مدينة النخيل، كما تُعَدُّ واحدة من أهم المدن الاستراتيجية، فهي تقع إلى الشمالي الشرقي من دمشق، وتبعد عنها 210 كلم، كما تبعد نحو 70 كيلو مترًا عن مدينة السخنة، وحوالي 160 كيلو مترًا عن مدينة حمص ونهر العاصي.

كانت تدمر قبل اندلاع الأزمة السورية في منتصف شهر مارس 2011 واجهة سياحية بارزة، يقصدها أكثر من 150 ألف سائح سنويًّا؛ لمشاهدة آثارها التي تضم أكثر من ألف عمود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة، لكن سقوطها في يد تنظيم داعش في 20 مايو الماضي جعل المدينة تتعرض لمجزرة تاريخية وثقافية، حيث تم نهب آثارها وتدمير ما بقي منه، وأهمها قوس النصر الشهير ومعبدا شمين وبل، ناهيك عن المجازر الإنسانية التي ارتكبوها، وكان أهمها قطع رأس مدير الآثار السابق في المدينة، خالد الأسعد؛ بسبب رفضه تعريفهم بأماكن الآثار في المدينة.

دخول المدينة طريق التحرير واقتراب إعلانها مدينة آمنة طمأن العديد من المعنيين بالأثار التاريخية، حيث أعرب المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، مأمون عبد الكريم، عن فرحته بالتحرير الوشيك لمدينة تدمر الأثرية من أيدي تنظيم داعش، وأكد أن الحلم سيصبح أكثر حقيقة، والكابوس أوشك على الانتهاء، ما يعني أننا نتفادى دمارًا كاملًا كان سيلحق بالمدينة الأثرية.

من جانبها أشادت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، إيرينا بوكوفا، بعمليات الجيش السوري لاستعادة مدينة تدمر، وقالت بوكوفا: منذ عام أصبح نهب تدمر هو رمز التطهير الثقافي الذي يضرب الشرق الأوسط، وأعربت عن استعداد اليونيسكو للذهاب إلى مدينة تدمر عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بهذه الآثار، ولحفظ ما تبقى من الإرث التاريخي لهذه المدينة، التي تمثل نقطة التقاء لعدد من الحضارات. وأكدت أن تدمير هذه الآثار جريمة حرب ستسعى المنظمة لتوثيقها ومعاقبة الجناة.

https://youtu.be/MBG-e8Zz95c

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى