في مثل هذا اليوم، من عام 2005، رحل الفتى الأسمر ، أحمد زكي عن الحياة، تاركًا خلفه ميراثًا كبيرًا من الفن والإبداع، فلم تكن حياة هذا الرجل ناعمة وسهلة، إذ عانى كثيرًا من أجل العبور إلى عقل ووجدان الناس.
بدأ أحمد زكي مشواره الفني، عندما ذهب إلى المخرج الكبير “بركات” الذي قال له ضاحكًا “ملامحك السمراء تضمن لك البقاء في دور الخادم النوبي”، لكن زكي اعتبر كلام بركات حافزًا، لكي يثبت أنه فنان متعدد الإمكانيات، وقادر على إبهار الجمهور طوال الوقت.
من فرط حبه للتمثيل، التحق أحمد زكي بمعهد الفنون المسرحية، وأثناء دراسته بالمعهد، شارك في دور بسيط بمسرحية “هاللو شلبي” عام 1973، ولفت الأنظار رغم ضيق مساحة الدور، ثم توالت أعماله بعد ذلك، ومنها “مدرسة المشاغبين، العيال كبرت، الأيام، أنا لا أكذب ولكني أتجمل، وشفيقة ومتولي، عام 1978، والذي قدمه أمام السندريلا سعاد حسني، وكان بمثابة نقلة نوعية في مشواره، حيث منحه هذا العمل الاستثنائي فرصة البطولة المطلقة.
لم يكن أحمد زكي يحب الاستسهال في العمل، وكان يؤمن بأن عملاً واحدًا يعيش ويترك أثرًا، أفضل من مئات الأعمال التي تذهب مع الريح، ولا تترك بصمة، لذا لو تأملنا أرشيفه الفني، سنجد أعمالاً، تجمع بين جمال الفكرة وروعة الأداء، نذكر منها على سبيل المثال “أيام السادات، ناصر 56، الهروب، ولاد الإيه، أرض الخوف، مع المخرج المتميز داوود عبد السيد، إسكندرية ليه، مع المخرج يوسف شاهين”.
كان أحمد زكي، محبوبًا من الوسط الفني كافة، وكان يعتبر الراحل نور الشريف، صديقه المخلص، الذي لا يتأخر عن تقديم النصيحة له.
أحداث أثرت في حياة أحمد زكي
أحداث كثيرة عاشها أحمد زكي، وأثرت فيه بشكل كبير، منها رحيل والده المبكر، وزواج والدته من رجل آخر، إذ ذاق الإحساس باليتم، فوجد الفتى الأسمر نفسه، مجبرًا على مواجهة الحياة بمفرده، وتولى جده تربيته، وكان غاضبًا بشدة من أمه قبل أن يلتمس لها العذر، بمرور السنوات، وتصالح معها بعد أن تيقن أنها لن تستطيع أن تعيش بمفردها وسط مجتمع لا يرحم.
تأثر زكي أيضًا بانفصاله عن الفنانة الراحلة هالة فؤاد، وهي الحب الذي لم يكتب له الاستمرار، إذ تزوجها بعد قصة حب عنيفة، وكرجل شرقي طالبها بالاعتزال، وعندما رفضت الابتعاد عن الفن، وقع الانفصال، ومضى كل منهما في طريق بعيد عن الآخر، والغريب أنهما ظلا أصدقاء بسبب ابنهما “هيثم” الذي ربط بينهما رغمًا عنهما، وعندما ماتت هالة فؤاد، حزن أحمد زكي، لأنها رحلت فجأة، وكثيرًا ما كان يتحدث عنها مع أصدقائه قائلاً “إنسانة عظيمة، ووفاتها أكبر صدمة في حياتي”.
رحيل صديق عمره، عاطف الطيب، ذلك المخرج المبدع الذي قدم معه أحمد زكي أروع وأجمل أفلامه، أصابه بالاكتئاب والحزن، إذ كان الطيب مخرجًا له رؤية مختلفة عن غيره، وقدم مع أحمد زكي، أفلامًا لها بعد اجتماعي منها “الهروب، البريء، ضد الحكومة”.
أثر المرض في أحمد زكي كثيرًا، حيث أصيب في آخر أيامه بمرض السرطان، ولأن موهبته الفنية كانت أكبر من سنوات عمره، قرر وهو يعاني آلام المرض، أن يقدم قصة حياة العندليب عبد الحليم حافظ، في فيلم سينمائي، وفكر في هذا الأمر لسببين، الأول أنه كان مغرم بشخصية الرجل، والثاني هو أنه أراد أن يترك مبلغًا ماليًا كبيرًا لابنه هيثم، يعتمد عليه فى حياته، خاصة أن أحمد زكي كان معروفا بإسرافه الشديد.
قالوا عن أحمد زكي
محمد صبحي: كان إنسانًا مخلصًا لفنه ولجمهوره، وهو نموذج نادر جدًا، و رغم مرور الأيام لن يغيب وهج أحمد زكي.
ميرفت أمين: شاركت أحمد زكي فى أعمال كثيرة، أقربها إلى نفسي “زوجة رجل مهم”، إذ كانت كواليس هذا الفيلم رائعة وخرجت منه صديقة مقربة من أحمد زكي، فقد كان شديد الطيبة ولا يحب إلا فنه فقط.
يسرا: الوصف الذي يقال عن أحمد زكي أنه كان إنسانًا عظيمًا.
هيثم أحمد زكي: كان سندي وصديقي وحبيبي، الله يرحمك يا والدي، أفتقدك جدًا وأفتقد حنيتك وابتسامتك الجميلة.
أشرف زكي: لا يكفي الكلام عن أحمد زكي، فهو يستحق تمثالاً في أكبر ميدان بمصر، لأنه نموذج وقدوة لكل فنان يحب جمهوره، ومؤمن بدور الفن فى تغيير الناس والتأثير على المجتمع.