في السابق كان منظر تنظيم القاعدة أسامة بن لادن مضطرا للاعتماد على تسجيل رسائل مرئية وصوتية في مخبأه في مكان نائ ومن ثم إعطائها لأتباعه لتسليمها لوسائل الإعلام العالمية ليعلن عن مسؤوليته عن الهجمات التي ينفذها تنظيمه المتطرف.
واليوم تمول داعش وكالة أنباء خاصة بها تدعى “أعماق” تنتج نشرات أخبارية على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع باستخدام التقنية المتنقلة.
وأعلنت الوكالة يوم الثلاثاء مسؤولية داعش عن التفجيرات في العاصمة البلجيكية بروكسل ونشرت تقارير باللغة الإنجليزية ومن ثم بالعربية بطريقة صحفية مجردة خالية من الصور أو بيانات من قائد التنظيم. وذكرت الوكالة أن الهجمات جزء من حرب أشمل تخوضها داعش ضد التحالف الدولي.
رسالة مركزية
يتم استخدام وكالة الأنباء “كجزء من استراتيجية أوسع للحرب الإعلامية أولا ولتحقيق مكاسب تكتيكية واستراتيجية ثانيا” وأن الوكالة “حريصة أن يكون لها رسالة مركزية جدا”
أرسلت أعماق بيانات صحفية وتقارير عبر مدونة وردبريس “WordPress” ولكنها الآن تستخدم تقنية تشفير لتجنب المستويات غير المسبوقة من الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وظهرت أعماق لأول مرة في أواخر عام 2014 عندما كانت داعش تحاول احتلال بلدة كوباني، شمالي سوريا من المقاتلين الأكراد، كجزء من سياستها الهجومية التي اعتبرت داعش أنها تؤسس لتواجدها في أنحاء واسعة من العراق. كما استعملت داعش وكالة أعماق لتؤثر على الزوجين اللذان قاما بتنفيذ عملية إطلاق النار العشوائي في سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا العام الماضي.
ولعبت أعماق دورا مهما في تحريك أدوات الحرب الإعلامية التي تشنها داعش إلى أبعد من مجرد جلب تعليقات من مؤيدي المجموعة في مواقع التواصل الإجتماعي.
وتنقل أعماق تقارير إخبارية حول أحداث من ليبيا والعراق والفلبين باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية. كما تمتنع الوكالة عن نشر مقاطع الفيديو لعمليات الإعدام وغيرها من الصور المفزعه للأعمال الوحشية التي تقوم بها داعش. ولكنها توصل رسائل من نوع آخر مثل تسمية الهجمات الانتحارية بـ”العمليات الاستشهادية”.
وتبنت داعش أساليب جديدة للتواصل مع مؤيديها ومن ضمنها تطبيق تيليغرام للتراسل المشفر مما دفع التطبيق لإلغاء القنوات التي تسمح بعدة مستخدمين بعد تلقيها شكاوى من مستخدمي التطبيق بأن هناك قنوات تشجع للجماعات الإرهابية.
ويمكن أن يكون انتقال داعش إلى استخدام تطبيقات جديدة نتيجة الضغط عليها من شركات التقنية، فقد كانت داعش نشطة جدا على تويتر قبل أن يتحرك الموقع ويحد من وجود التنظيم بحسب قول سكوت ستيوارت محلل التكتيكات في مركز الاستشارات الاستراتيجية في ولاية تكساس.
وبينما فشلت العديد من محاولات داعش تأسيس منصة للتواصل الاجتماعي في جذب عدد كبير من المتابعين مثل شبكة التواصل الاجتماعي “خليفة بوك” إلا أن سعيها لاستغلال التقنيات الحديثة مستمر.
وبعد الهجمات الأخيرة في بروكسل دعا التنظيم “الأخوة في بلجيكا” لاستخدام التشفير و”الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي.”
وقالت تريشيا باكون بروفيسور العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في واشنطن والمسؤولة السابقة في مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية إن التنظيم “يبدو واثقا في اتباعه تقنية التشفير وحتى الآن يبدو أن هذه الطريقة تلقى نجاحا” وأضافت أن أجهزة الاستخبارات العالمية لم تفلح حتى الآن في رصد المراسلات الالكترونية الخاصة بداعش في ما يتعلق بالتخطيط للهجمات في بروكسل أو حتى قبلها في باريس.
وتقول: “سيكون هناك تباين واضح بين من يستطيع المواكبة ومن سيفشل، بلجيكا فشلت في المواكبة كما أثبتت ذلك التفجيرات الأخيرة”.