دوشة فنية

شاهد..فى ذكري وفاة “سي السيد ” السينما العربية

هو واحد من الفنانين القلائل الذين تركوا بصمة خالدة في تاريخ السينما العربية، وصاحب كاريزما استثنائية جعلته يبدع ويتألق في شخصيات كثيرة أبرزها شخصية “سي السيد” التي قدمها في ثلاثية نجيب محفوظ، وتعد شاهدةً على عبقريته الفنية.

وتعتبر شخصية “سي السيد” تجسيدًا لطبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمع المصري في الثلث الأول من القرن الماضي، وصارت بقسوتها واستبدادها وتناقضاتها الأخلاقية رمزًا للرجل الشرقي المستبد والمتناقض.

فهو في البيت، الأب الصارم والزوج الدكتاتور والرجل التقي الذي يحافظ على الصلوات ويمتلئ قلبه بالإيمان والخشوع حتى يفيض على وجهه، والمتزمت الذي جعل البيت سجنًا لنسائه، وحرم عليهنّ الخروج ومجرد النظر من النافذة، لكنه في الخارج رجل الأنس والفرفشة، وصاحب اللسان السليط الذي يبدع في تأليف النكت والقفشات الجارحة، وهو العربيد صاحب المغامرات الغرامية التي لا تفرق بين غانية لعوب وبين أرملة جار العمر، والذي يقضي لياليه معاقرًا الخمر بين أحضان الغانيات ومصاحبًا للمطربات والراقصات في غنائهن ورقصهنّ.

حرص شاهين على أن تكون الشخصية التي يجسدها صعبة ومركبة؛ لكي يصل إلى مرحلة من الاستمتاع، حيث كان يدرس الشخصية ويتقمصها ويعيشها بكل جوارحه، مما جعل فن يحيى شاهين يؤرخ لحقبة شديدة مهمة في تاريخ الفن العربي.

اسمه الحقيقي يحيى يحيى حسن شاهين، وُلد بإمبابة بحي ميت عقبة بالجيزة، في 28 يوليو 1917، وتلقى دراسته الابتدائية في مدرسة عابدين.

واشترك شاهين في فريق التمثيل بالمدرسة ثم تولى رئاسة الفريق وبعدها حصل على شهادة الدبلوم في الفنون التطبيقية قسم النسيج من مدرسة العباسية الصناعية.

كان شاهين محبًا للفن وشغوفًا بالتمثيل فانضم إلى “جمعية هواة التمثيل” حتى التقى بأستاذه بشارة واكيم، الذي كان مديرًا للمسرح في دار الأوبرا الملكية، والذي أعجب بموهبة يحيى شاهين واقترح عليه أن يتقدم إلى الفرقة القومية للتمثيل التي كانت تطلب وقتها وجوهًا جديدة.

وعندما علم شاهين أن الممثلة فاطمة رشدي تؤسس فرقة جديدة وأنها بحاجة إلى “فتى أول” تقدم بالأداء وأعجبت جدًا بتمثيله فاختارته لدور الفتى الأول في فرقتها، وبذلك بدأت رحلته الفنية.

قدم شاهين أعمالًا مسرحية مثل “مجنون ليلى” و”روميو وجوليت”، وفي عام 1946 ترك المسرح ليتفرغ للعمل السينمائي، وكان أول ظهور له في فيلم “لو كنت غني” بدور هامشي.

ولعب دور البطولة أمام أم كلثوم في فيلم “سلامة” وبعدها شارك في دور البطولة في أكثر من 100 فيلم أبرزها: “ضحايا المدينة”، و”الطائشة”، و”خاتم سليمان”، و”أزهار وأشواك”، و”ليلى العامرية”، و”ابن النيل” و”سيدة القطار”، و”زينب” و”بلال مؤذن الرسول”، و”جعلوني مجرمًا”، و”أين عمري”، و”لا أنام”، و”رجل بلا قلب”، و”بين القصرين”، و”ابن كليوباترا” (إيطالي)، و”قصر الشوق” و”شيء من الخوف”، و”السكرية”، و”إسكندرية ليه”.

كما شارك شاهين في عدد من الأعمال التلفزيونية أبرزها: “شارع الموردى” و”الطاحونة”، وحصل شاهين على الكثير من الجوائز، وأهمها جائزة دعم السينما الجائزة الأولى عن دوره في فيلم “ارحم دموعي” والثانية عن فيلم “جعلوني مجرمًا” وشهادة تقدير عن فيلم “نساء في حياتي” من مؤتمر فينسيا الدولي.

وحصل يحيى شاهين على الجائزة التقديرية الذهبية من جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية، كما فاز بوسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى كمهندس تطبيقي سنة 1980، وحصل على شهادة تقدير من مهرجان القاهرة الدولي عام 1987، وجائزة مهرجان القاهرة للسينمائيين وجائزة غرف السينما سنة 1989.

ونال وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحصل عل درع أسوان وشهادة تقدير وتفوق للرواد للسينمائيين سنه 1993 من جريدة الأهرام المسائي.

وبهذا ترك شاهين لنا تراثًا فنيًا قيّمًا قبل رحيله عن عالمنا في 18 مارس عام 1993.

أخبار ذات صلة

Back to top button