أعلن الأكراد في سوريا مؤخرا تبنيهم النظام الفيدرالي في المناطق التي سيطروا عليها في شمال سوريا ، وذلك بعد اجتماع عُقِد في مدينة رميلان الحدودية مع العراق وتركيا، والتي تقع في محافظة الحسكة السورية.
المناطق التي تم فدرلتها
المناطق الواقعة في النظام الفيدرالي هي المقاطعات الكردية الثلاث: كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية مؤخرًا في محافظتي الحسكة (شمال شرق) وحلب (شمال).
رفض سوري
الخطوة الكردية قوبلت برفض قاطع من الحكومة السورية، حيث قالت وزارة الخارجية والمغتربين اليوم إن حكومة الجمهورية العربية السورية تحذر أي طرف تسول له نفسه النيل من وحدة أرض وشعب الجمهورية العربية السورية، مؤكدة أن طرح موضوع الاتحاد أو الفيدرالية سيشكل مساسًا بوحدة الأراضي السورية، الأمر الذي يتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية.
وأضافت الخارجية السورية أن أي إعلان في هذا الاتجاه لا قيمة قانونية له، ولن يكون له أي أثر قانوني أو سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي طالما أنه لا يعبر عن إرادة كامل الشعب السوري بكل اتجاهاته السياسية وشرائحه المتمسكين جميعًا بوحدة بلادهم أرضًا وشعبًا.
انتقادات روسية
لم تخلُ تصريحات الدبلوماسيين الروس من توجيه الانتقادات للخطوة الكردية، حيث أكدت موسكو أن الشعب السوري وحده صاحب القرار في مسألة نظام الحكم المستقبلي في بلاده، واعتبرت أنه لا يحق لأكراد سوريا تقرير مسألة فدرلة البلاد بصورة أحادية.
وقال دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم: إن شكل النظام الداخلي للدولة السورية يُعَدُّ من الصلاحيات الحصرية للسوريين أنفسهم، ويجب اتخاذ القرارات بهذا الشأن في إطار عملية شاملة.
بدوره قال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إنه لا يحق للأكراد أن يقرروا بصورة أحادية مسائل فدرلة سوريا، ولا سيما خارج مفاوضات جنيف، وأضاف أنه يظن أن الحديث يدور عن مواقف تفاوضية، لكن من المستحيل اتخاذ قرارات أحادية، بل يجب التوصل إلى اتفاقات مع المشاركين الآخرين في العمليات الجارية بسوريا، ومنها وقف إطلاق النار، والعملية السياسية، وجهود وضع دستور جديد قد ينص على نظام حكم جديد لسوريا، لكن كل ذلك يرتبط بإطلاق عملية سياسية مستقرة وشاملة في إطار الحوار السوري-السوري.
أمريكا ترفض الاعتراف
لا يختلف موقف واشنطن عن موقف موسكو من الخطوة الكردية في سوريا، بل إن تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية شكلت هجومًا استباقيًّا على أي مشروع فيدرالي يقوم به الأكراد في سوريا، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر أمس أن بلاده لن تعترف بمنطقة موحدة تتمتع بحكم ذاتي تعلنها المجموعات الكردية في سوريا.
وقال تونر: هذا أمر ينبغي أن تتم مناقشته والموافقة عليه من جميع الأطراف المعنية في جنيف ثم من الشعب السوري نفسه.
تركيا الأكثر تضررًا
تُعَدُّ تركيا الدولة الأكثر تضررًا من هذا القرار؛ نظرًا للعلاقات التركية الكردية التي تتسم بالعداء، خاصة مع أكراد سوريا، حيث تعتبر تركيا حزب الاتحاد الديمقراطي إرهابيًّا. وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية أمس إن تركيا تدعم وحدة سوريا، وأي خطوات منفردة مثل إعلان اتحاد من جانب واحد باطلة، وأضاف أن شكل الحكومة والهيكل الإداري في سوريا ستقررهما كل قطاعات الشعب السوري في دستور جديد.
مبررات الموقف الكردي
الاتجاه إلى إعلان الفيدرالية في الشمال السوري قد يكون تصعيدًا للردِّ على إقصاء الكرد من مفاوضات السلام المنعقدة حاليًّا في جنيف بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية برعاية الأمم المتحدة، حيث لم يُدْعَ الأكراد إلى مفاوضات جنيف بجولتيها الأولى والثانية برغم مطالبة روسيا بضرورة إشراك حزب الاتحاد الديمقراطي فيها. التصعيد الكردي قد يأتي في إطار الرغبة الكردية للمشاركة في مفاوضات جنيف، حيث نقل موقع الميادين اللبناني عن مصدر كردي أنه لا طموحات انفصالية للكرد، مضيفًا: نحن جزء لا يتجزأ من الجغرافية السورية. وأكد المصدر أن أي حكومة يتوافق عليها السوريون سيكون الأكراد جزءًا منها.