نون والقلم

الضحية مصري

في عام 1989 كانت زيارتي الأولي إلي اليمن وكان وقتها اليمن الشمالي وكنت ضمن وفد إعلامي مرافق لاتحاد المحامين العرب والذي كان يجمع بين أعضائه مجموعة من أساطين المحاماة في الوطن العربي.

وخلال هذه الزيارة التقينا مع الشيخ نصر رئيس البعثة الأزهرية وكانت البعثة الأزهرية هي الأكبر مع بعثة التربية والتعليم، ووقتها كان يتم إيفاد المدرسين المصريين في إعارات إلي اليمن ووصلوا إلي جميع المناطق والقبائل وكان المدرس المصري ذا قيمة وشأن ومصدر فخر لكل قبيلة من قبائل اليمن وكانت له كلمة مسموعة.

وقال إن معركة قامت بين قبلتين في إحدى محافظات اليمن وتبادل أفراد القبليتين النيران، وأدى هذا إلي مصرع المدرس المصري الذي يعمل في مدرسة قبيلة منهم.. وقال الشيخ نصر تخيل ماذا كان موقف القبيلة، قام أعضاؤها بالهجوم علي مدرسة القبيلة الثانية وقتلوا المدرس المصري الموجود بها أخذاً بالثأر ولم يتم قتل أي شخص من القبيلة أي أن الضحية في الحالتين مصري.

وهذه الواقعة يتداولها اليمنيون أنفسهم علي أنها طرفة لكن تذكرتها، ما يحدث الآن في مصر بمجرد أن تشاهد ما يدور في الوسط السياسي والاقتصادي والإعلامي والرياضي تجد أن الصراع بين القبائل التي تحكم مصر يؤدي إلي تصفية رجالهم لكن لا يستطيع أحد أن يقترب من أبناء القبائل أنفسهم أي أن الصراع يكون علي حساب من يعملون معهم من الخارج وفي النهاية الضحية مصري.

<<<

< الشىء اللافت للنظر في بيان البرلمان الأوروبي أنه خلط بعض الحقائق بكثير من الأكاذيب فخرج بياناً منحازاً سياسياً وفضح مصر المعلومات التي وردت فيه وأضاع الحقائق التي وردت به خصوصاً التقييد غير المبرر علي عمل منظمات المجتمع كلها وليس منظمات حقوق الإنسان فقط.. والتوسع في المنع من السفر دون مبرر ودون إخطار الممنوع من السفر والترهيب لكل من يوجه انتقادات للحكومة وللنظام حتي من غير المحسوبين علي الإخوان.

ولكن فوجئت في البيان أن البرلمان يتكلم عن كيان اسمه «اللجنة المصرية للحقوق والحريات» والتحرش المستمر بها والغريب أنه لا توجد في مصر كيان بهذا الاسم ولكن ما يوجد هو التحالف المصري للحقوق والحريات وهي منظمة إخوانية موجودة في لندن وتركيا وليس لها أي مقر في مصر، وبالتالي كيف تتحرش بها السلطات المصرية، وأعتقد أن المعلومات الواردة في البيان عن حالات الاختفاء القسري مصدرها هذا التحالف الذي نشر نفس الأرقام من شهر تقريباً.

ولكن صدور البيان رغم ركاكة صياغته وفقر معلوماته يؤكد أن الدبلوماسية المصرية في وادٍ وأجهزة الدولة في وادٍ آخر ولا يوجد تنسيق بين هذه الأجهزة للرد علي مثل هذه البيانات ولكن توجد حالة صراع بين مؤسسات وأجهزة الدولة وهي الفرصة التي استغلتها جماعة الإخوان والأتراك الذين لهم نفوذ كبير في البرلمان الأوروبي بحشو القرار بمعلومات مغلوطة وسط معلومات حقيقية حتي يبدو الأمر كله حقيقة.

وكنت أعتقد أن جميع البيانات التي تصدر عن مؤسسات الدولة وأجهزتها تتم ترجمتها إلي اللغات الأخري وإرسالها بصفة دورية إلي البلاد والكيانات التي وقعنا معها اتفاقيات تعاون وشراكة ولدينا هيئة بها آلاف من الموظفين والملحقين والمترجمين اسمها الهيئة العامة للاستعلامات لا نعرف دورها حتي الآن.

يجب أن نعلن أن لدينا انتهاكات لحقوق الإنسان، وأن لدينا خروقات للقوانين والدستور، وأن نعلن للعالم خطة واضحة لتحسين هذه البيئة، فالصراحة والمكاشفة هو الطريق الأسهل والأسرع للرد علي مثل هذه البيانات لأن البيئة الحالية أقرب إلي بيئة القمع تساعد علي نمو الفساد وصعود الفاسدين إلي قمة العمل العام وفي النهاية الضحية مصري.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى