كشف مصدر أمني عراقي، اليوم الخميس، عن نشر عشرات القناصة على سطوح المباني والدوائر الحكومية حول المنطقة الخضراء ببغداد، وسط انتشار أمني غير مسبوق، تحسباً للاعتصام المفتوح الذي دعا إليه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
وقال المصدر، إن هذه الخطوة تأتي بالتزامن تتسارع الأحداث السياسية وما تفرضه من تداعيات أمنية على المسرح العراقي، قبل ساعات من الاعتصام المفتوح الذي أعلن التيار الصدري وقوى مدنية تنفيذه حول المنطقة الخضراء مركز الحكومة العراقية في العاصمة بغداد.
واعتبرت كتلة دولة القانون، التي يتزعمها نوري المالكي، أن “الاعتصامات ونشر السلاح واستخدام القوة ليس دستوريا، بل خارجا على القانون وهو بواب لمزيد من الاشتباك في الجبهة الداخلية، مطالبة القوى السياسية بالمبادرة والموافقة على إجراء التعديل الوزاري كخطوة على الطريق.
الرجال بالرجال والسلاح بالسلاح
وفي اجتماع لكتلة “دولة القانون”عقد مساء أمس، برئاسة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، برزت ملامح التخندق السياسي الجديد على خلفية خارطة تحالفات مستحدثة، فرضتها مرحلة تشرذم القوى الشيعية المسيطرة منذ 2003 بفعل المطالب بإصلاحات شاملة، تطال جوهر العملية السياسية ذات الأبعاد والآليات المعقدة، كما يصفها مهتمون بالشأن العراقي.
وأبرز ما رشح عن الاجتماع، هو نبرة التهديد التي استخدمها زعيمها نوري المالكي في البيان الصادر عن الاجتماع، حين أورد عبارات تحمل تهديدا مباشراً للمعتصمين وللتيار الصدري، تضمن عبارة”الرجال بالرجال والسلاح بالسلاح”في تهديد واضح للحركات الاحتجاجية الشيعية، وفق مراقبين للحراك السياسي في العراق.
عودة العبادي لـ”الدعوة”
وفي هذه الأثناء، كشفت مصادر سياسية، عن ترشيح التيار الصدري للسياسي العراقي جعفر الصدر، لتولي منصب رئاسة الحكومة في حال عجز العبادي عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
واللافت أن المالكي، الذي أجلس إلى جواره رئيس الحكومة حيدر العبادي، نجح في إعادة الأخير إلى أحضان حزب الدعوة، خلافاً للمطالب الإصلاحية للعبادي بالاستقالة من الدعوة والمضي بالإصلاحات على قاعدة من الاستقلالية السياسية.
ويبدو أن المالكي، ومن ورائه حزبه الدعوة، الذي يستأثر بمنصب رئاسة الحكومة بحسب نظام المحاصصة، أراد إيصال رسالة للصدرين، مفادها “لن نتخلى عن رئاسة الحكومة فلا تقربوا هذا المنصب، “كما يقرأ محللون من وقائع اجتماع “دولة القانون”.
مأزق الصدر
ويرى محللون سياسيون، ان زعيم التيار الصدري وضع نفسه وأتباعه في زاوية ضيقة سياسياً، فهو من جهة مشارك بقوة في الحكومة التي يتهمها بالفشل والفساد ويتظاهر مطالبا بتغييرها، ومن جهة أخرى يرزح تحت ضغط من الحوزات والبيت الشيعي، التي تتهمه بتشتيت الشيعة وفض تحالفهم القوي المتشبث بالسلطة في العراق منذ 2003 حتى الآن.
ويلخص الكاتب السياسي، سفيان السامرائي، أزمة مقتدى الصدر بقوله “خرج نوري المالكي بتهديد واضح للصدر مفاده احذر من يوم الجمعة انت وأتباعك ولا تقرب المنطقة الخضراء حصنُنا الحصين، لكن الصدر يعلم انه إذا ما خضع لضغوط شركائه من ساسة الشيعة ولم يظهر أمام البوابات الثلاثة للمنطقة الخضراء يوم الجمعة، فإن مكانة الصدر سوف تنتهي إلى الأبد وينتهي تياره وتصبح عناصر التيار ملاحقة من قبل مليشيات نوري المالكي، فيما سيستمر العبادي في المماطلة بالإصلاحات.
ومن المقرر، أن يعتصم أتباع التيار الصدري وحركات مدنية مطالبة بالإصلاحات يوم غد الجمعة، أمام بوابات المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد، ولمدة 11 يوماً حتى انتهاء المهلة التي منحها مقتدى الصدر لرئيس الحكومة حيدر العبادي لإنجاز ملف الاصلاحات السياسية، فيما يراها مراقبون وسياسيون أصعب 11 يوماً سيمر بها التحالف الشيعي في العراق، والتي تهدد السلم الأهلي في حال حدوث احتكاكات بين الأمن والمعتصمين الغاضبين.