نشرت مجلة “الدفاع” الإسرائيلية اليوم الجمعة تحقيقا حول ما وصفته بـ “انتفاضة الفرادى”، وقالت إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مازالت عاجزة عن تحديد السمات المشتركة للعمليات التي يقوم بها فلسطينيون بشكل فردي، كعمليات الطعن أو الدهس أو إطلاق النار، وما زالت غير قادرة على الإمساك بخيوط أساسية تمكنها من وضع تقديرات تدعم صانع القرار في مواجهة هذا النوع من الحراك الفلسطيني.
وبحسب الموقع الإلكتروني للمجلة، تعمل أفضل العقول داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية و”الشاباك” دون نجاح حتى هذه اللحظة، لتحديد سمات مشتركة لما تصفه بـ “موجة الإرهاب الفلسطيني”، والتي كانت قد بدأت قبل قرابة خمسة أشهر، ومازالت مستمرة حتى اليوم، وتسير بشكل تصاعدي، دون أن تتفق تلك الأجهزة على رؤية واحدة بشأن دوافع ومحركات تلك العمليات.
وأشارت المجلة إلى أن الأسبوع الماضي كان الأصعب بالنسبة للأقسام المكلفة بوضع البحوث والتقديرات داخل الأجهزة الاستخباراتية، لا سيما بعد الحوادث المتزامنة التي وقعت الثلاثاء الماضي في عدد من المواقع في يافا وبيتاح تيكفا والقدس وغيرها، في ظل زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل.
وتابعت على لسان خبراء أن كل عملية وقعت طوال الشهور الخمسة الماضية كانت تحمل قصة مختلفة، كما أنه من غير الممكن العثور على سبيل المثال على مخازن أسلحة أو تعقب خلية محددة تتواصل فيما بينها بأية وسيلة كانت، وهو ما صعب المهمة، بعد أن اعتبرت السمة المشتركة الوحيدة حتى الآن لـ “انتفاضة الفرادى” هي أنها “بلا سمات مشتركة”.
وما زاد الأمور صعوبة على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية هو أن العمليات التي وقعت حتى الآن لم تكن ضمن هرم قيادي، وأن كل من نفذ عملية قرر ذلك بنفسه، واستخدم أداة بسيطة لا يمكنها أن تثير الشبهات وهي السكين.
لكن ما تعتبره أجهزة الاستخبارات المصدر الرئيسي للتحريض هو وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وتزعم أن هذه الأدوات التي حلت محل رأس القيادة التي تصدر التعليمات والأوامر بتنفيذ عمليات كما جرت العادة طوال عقود مضت، تشكل وحيا لشبان فلسطينيين لديهم أفكار متأثرة بفكر تنظيم داعش، وبالتالي تعقدت الأمور، ولم تعد هناك قدرة على توقع موعد أو مكان عملية الطعن المقبلة.
وتتابع أجهزة الاستخبارات وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي، وترصد ما تصفه بـ “التحريض على تنفيذ عمليات إرهابية ضد الإسرائيليين”، ولكنها حتى ولو وضعت يدها على صفحات في مواقع التواصل تحرض كما تقول على العنف، فإن هذا الأمر لن يؤدي إلى نتيجة أيضا.
وبعد إجراءات متعددة قامت بها إسرائيل لمواجهة “انتفاضة الفرادى” من بينها التضييق على الفلسطينيين بالأراضي المحتلة، والتلويح بطرد عائلات من يتورطون في عمليات من هذا النوع إلى غزة أو سوريا، وهدم المنازل والامتناع عن تسليم الجثامين، اعتبرت أن تلك الإجراءات ساهمت في الحد من العمليات، بيد أن عمليات الثلاثاء الماضي شكلت لها مفاجأة كبيرة.
وتشير المجلة الإسرائيلية إلى أن الشهر الماضي كان الأكثر هدوءا، وأن أعداد العمليات الفلسطينية تراجعت كثيرا، وهو ما عكسه تزايد الشعور بالأمان بين الإسرائيليين طبقا لاستطلاع رأيهم، لكن ما حدث الثلاثاء في عدد من الساحات غير هذا الانطباع.
وتشير المجلة نقلا عن خبراء إلى أن هناك جدال حاد على المستوى السياسي الأمني بشأن الإجراءات التي ينبغي اتباعها لمواجهة هذه الموجة ومنع انتشارها، لا سيما وأن أجهزة الاستخبارات لم تقدم أية تقارير وإفادات كافية يمكن البناء عليها في صناعة القرار، وبالتالي خلقت هذه الحالة خلافا حول الوسائل التي ينبغي اتباعها، والتي من بينها فرض غلق كامل على الضفة الغربية.
وترفض بعض الآراء السياسية، مدعومة برؤية بعض الضباط الكبار بجهاز الأمن العام “الشاباك” والمؤسسة العسكرية فرض غلق كامل للضفة، وتستند في ذلك إلى مخاوف بأن الغلق الكامل سيعني أن جموع الفلسطينيين سيمتلكون الزخم للانضمام للموجة الحالية، رغم أن الغالبية العظمى منهم تفضل حتى الآن الاستقرار والهدوء.