لم ينجذب الشباب إلى ما ينقصه فقط، بل ينجذب أيضًا إلى ما يقتنع به، فإذا امتلكت أساليب الإقناع الكافية تستطيع أن تستقطب فى صفك أى شخص تريده، هذا المنطق هو ما اعتمد عليه داعش منذ ظهور التنظيم على شبكات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، فأراد داعش منذ نشأته أن يستقطب شبابا أجانب فى صفوفه ليكونوا ضمن المقاتلين فى التنظيم والمدافعين عنه والداعين أيضًا للانضمام إليه.
فى ديسمبر من عام 2013 نشر معهد واشنطن أول إحصائية مستندة على أرقام تفيد بانضمام عدد من الشباب الأجانب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا، فهو السن الذى يتشكل فيه وعى الشباب، كما أن الشباب فى هذا السن يكون من السهل إقناعهم بأى أيدلوجية تريدها، منذ أواخر عام 2011 وحتى ديسمبر 2013 انضم نحو 11 ألف شاب وفتاة إلى مقاتلى التنظيم، ومع مرور الوقت ازداد عدد المنضمين للتنظيم يومًا بعد آخر، وفى تقرير أعدّه معهد واشنطن عن جنسيات المنضمين لداعش من الأجانب، كشف التقرير عن أن أغلب المنضمين من جنوب شرق آسيا وأمريكا الشمالية وإفريقيا، حيث كانت لكل منهم طريقة استقطاب خاصة، تختلف عن الجنسية الأخرى.
وكأن “داعش” استغل ما ينقص كل دولة لجذب شبابها، حيث استقطب التنظيم المنضمين له من أفريقيا عن طريق الأموال، فمن المعروف أن غالبية دول القارة السمراء تعانى من فقر شديد إلى الحد الذى يجعل اغراؤهم بأموال قليلة كانت أم كثيرة يعد أمر يسير، فكانت الأموال هى الوسيلة الأولى التى استقطب بها التنظيم مقاتليه من أفريقيا. وعن طريق بث الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على مواقع التواصل الإجتماعى وعبر صحيفتهم الصادرة بالنسخة الإنجليزية والعربية “دابق” استطاع “داعش” أن يستقطب الشباب من أمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا إلى صفوفه، وذلك منذ أن ادعى التنظيم أنه يسعى إلى الخلافة الإسلامية واسترداد الأراضى المحتلة من قِبل الغرب، ما جعل الشباب الأجنبى وهو عاطفى بطبيعته أن يُصدقهم ويُصدّق أوهام الخلافة التى ادعاها التنظيم، فسرعان ما انضم الشباب الأجانب للتنظيم وأصبح فى داعش عدد من الجنسيات المخلتفة من كافة أنحاء العالم. أما عن انضمام الشباب العربى لداعش .
لخصت احدى الباحثات فى مركز “كارنيجى” للشرق الأوسط أسباب انضمامهم فى 5 نقاط: أنظمة التعليم العربية المتشددة، ضعف الاقتصاد فى بعض الدول العربية، احتلال بعض الدول العربية، ما نتج عن الثورات العربية من تشتت بعض الدول، كرههم للغرب وسرعان أن تطورت العلاقة بين تنظيم داعش وبين الفتيات الأجنبيات للزواج، فالحادثة الأشهر منذ نشأة التنظيم وهى هروب ثلاث فتيات بريطانيات من بلدهن إلى الأماكن التى يسيطر عليها التنظيم فى العراق وسوريا، بعد أن تواصلوا مع شباب التنظيم ليتزوجوا منهم، وهن “شميمة بيجوم” و”أميرة عباسى” و”خديجة سلطانة”، الأمر الذى جعل البلاد الغربية بل والعربية أيضًا فى حالة اندهاش مما فعلته هؤلاء الفتيات اللاتى هربن من منازلهن للإنضمام إلى التنظيم والزواج من أعضائه، وأعقبت هذه الواقعة عددًا من حالات زواج أعضاء بالتنظيم الإرهابى بفتيات من دول أجنبية وعربية تحت بند “جهاد النكاح”.
لم تدم هذه العلاقة بين أعضاء التنظيم الإرهابى “داعش” وبين الأجانب طويلا فسرعان ما اكتشف بعض الأجانب أن ما كان يدعوا له التنظيم وهم كبير، وأنهم يرتكبون الكثير من الأعمال المشينة، ومنذ شهور قليلة ماضية نشرت صحيفة “فينانشيال تايمز” أن التنظيم الإرهابى أعدم 100 أجنبى كانوا قد حاولوا الهروب من التنظيم، ما جعل المتخصصون فى الإسلام السياسى يروا أن هروب أعضاء التنظيم من الأجانب يهدد تماسك التنظيم. فمنذ يومين أعدم داعش 8 هولنديين مقاتلين من صفوفه بعد أن وجه لهم التنظيم محاولة الانشقاق الجماعى والتحريض ضد التنظيم وكان ذلك فى مدينة “معدان” بالرقة فى سوريا، تلا هذه الواقعة البشعة تحرير المراهقة السويدية “مارلى ستيفانى نيفار لاين” التى تبلغ من العمر 16 عامًا والتى انضمت للتنظيم عن طريق شاب مغربى أقنعها بالانضمام لداعش، إلا أن هذه الفتاة من القلائل التى استطاعت القوات الكردية تحريرهم وفور تحريرها قالت مارلى “لم أكن أعرف أن هذا التنظيم هكذا”، نظرًا للجرائم البشعة ما رأته من معاملة سيئة خلال العيش معهم.
لم يكتف التنظيم بذلك بل أنه منذ أسابيع قليلة أعدم تونسى رميًا بالرصاص بعد أن تم صلبه فى مدخل مدينة “الميادين”، ليس هذا فحسب بل أن داعش أعدمت أحد مسؤوليها ويدعى عبد الله أبو الحارث بعد أن انشق عن جبهة النصرة ورفضت تسليم الجثة لذويه. واستطاعت زوجة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادى وهى الألمانية “كروجر ديانى” أن تفر هى وفتاتين أخريات من التنظيم، ما جعل أبو بكر البغدادى يبحث عنها فى كافة مناطق العراق، ولم يخرج لوسائل الإعلام سوى حالات قليلة فقط من ذبح الأجانب الذين يحاولون الفرار من التنظيم، إلأ أن هذه الحالات سبقتها حالات ذبح وصلب لكن لم يُذكر أسماء من تم ذبحهم أو صلبهم.