- أهم الأخباراخترنا لكالأخبار

بعد تحريرها..عدن مدينة “مشلولة”

الزائر لمدينة عدن جنوب اليمن، لا يرى فيها مدينة محررة، كما لا يلمس في نواحيها طبيعة الحياة وانتعاشها، التي كانت تدب في أرجائها، لا يكاد المرء يلبث فيها كثيراً حتى يحاول أن يغادرها بعدما كان سابقاً يتمنى المكوث فيها طويلاً .

مرافق معدومة

عاد أهالي عدن إلى منازلهم في اغسطس  الماضي، بعد ثلاثة أشهر على خروجهم منها قسراً بسبب الحرب الأخيرة، وقبل عودتهم قدمت دولة الإمارات كل ما يلزم لمؤسسات عدن الخدمية كالكهرباء والمياه لإعادة هذه الخدمتين الى المديريات الأربع، التي كانت تحت سيطرة الميليشيا المتمردة .

وخلال الاشهر التالية، دعمت الإمارات وبعض دول التحالف جميع القطاعات الحيوية في مدينة عدن، في إطار جهودها الرامية الى إعادة تطبيع الحياة فيها، وكانت اهم القطاعات التي لاقت دعماً واسعاً هي الكهرباء والمياه والنظافة والصحة والتربية والتعليم، فيما تكفلت الإمارات بسداد مرتبات عمال مؤسستي الكهرباء والمياه حتى نهاية العام 2015 .

وبعد مرور ثمانية أشهر على تحرير المدينة، لازالت تعيش معظم القطاعات الحيوية في عدن تردياً واضحاً في خدماتها، بل وباتت الحياة مشلولة في جميع مجالاتها وخدماتها الضرورية .

الملف الأمني

يشكل الجانب الأمني، حجر الزاوية في استقرار الأوضاع في عدن، التي لازالت تعيش في أجواء انفلات أمني ممنهج، عكر صفو الحياة في المدينة، وبات أحد أهم الأسباب الرئيسية، الذي حال بدرجة كبيرة دون تطبيع الحياة في عدن .

ويقول المحلل السياسي اليمني والنقابي البارز خالد أمان، في تصريح لوكالة رويترز أدت حالة الانفلات الأمني المتعمدة في عدن من قبل بعض الأطراف في السلطة، وهي في اعتقادي لازالت لها اتصال بالانقلابين ممثلين بالمخلوع صالح والحوثيين، وهي ورقة يراهنون عليها اليوم في عدم قدرة الشرعية على تولي زمام الأمور وتثبيت الأمن من خلال إرباكها بعمليات الاغتيالات، التي تهدف الى التخلص من الكثير من القيادات العسكرية الجنوبية، وفي نفس الوقت خلق نوع من الفوضى والانفلات الأمني لشل الحركة في عدن، بالإضافة الى التفجيرات بالسيارات المفخخة في مختلف مديريات المدينة .

دمج المقاومة

واجهت المقاومة الشعبية الجنوبية، منذ تحرير عدن من الانقلابين في يوليو  الماضي، هجوماً عنيفاً من أطراف عدة، وهو ما أربك وضعها في إعادة ترتيب أمورها بعد الحرب مباشرة، في تلك الفترة التي كان فيها عدم الاستقرار في مختلف نواحي الحياة وحالة الفوضى والسلب والنهب تقف حائلاً دون تمكينها من ذلك، مما هيئ الفرصة أمام بعض الأطراف لتشويه صورتها في المجتمع العدني، بعد تحقيقها لانتصارات عظيمة في مراحل الحرب المختلفة.

الكهرباء والمياه

لازالت عناصر من أتباع المخلوع صالح والحوثيين، تتحكم في كثير من المؤسسات والمنشآت الخدماتية في عدن، وتتخذ منها وسيلة أو سلاحا لإرباك الحياة وشلها نهائياً ومنها الكهرباء والمياه، التي اصبحت مثار جدل واسع لما يدور في دهاليزها وأروقتها ومحطاتها المختلفة، حيث شكلت مؤسستي المياه والكهرباء لغزا يصعب حله، حتى أن كثيرين لا يعزون سبب ذلك الى الفساد الموجود فيهما فحسب، بل والى ايادي خفية تتحكم في استخدامهما لشل الحركة في عدن وخلق صعوبات وعراقيل أمام السلطة المحلية، التي تسعى جاهدة وبإمكانياتها الشحيحة جدا لإعادة الأوضاع الى طبيعتها .

ويقول سكان عدن، إن مؤسسة الكهرباء هي الأكثر استهدافاً لتطبيع الحياة، لأن الأجواء الحارة تساعد الأطراف التي تتحكم بالكهرباء على الوصول الى أهدافها في زعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع العدني، والدليل أن الانقطاعات في الكهرباء التي شهدتها عدن خلال فصل الشتاء، تؤكد أنه لا يوجد اي مبرر يتصل بجوانب فنية أو قدراتية تؤدي الى الانقطاعات بقدر ما هو مخطط له.

مرتبات الموظفين

الجانب المالي هو الأكثر تعقيدا، وهو الملف الأكثر صعوبة أمام الشرعية بعد الحرب، وبخاصة في المحافظات المحررة ومنها العاصمة عدن، حيث لازالت الموارد المالية المختلفة التي يتم تحصيلها في عدن تورد الى البنك المركزي بصنعاء، وهي موارد حددت وفقاً لقانون السلطة المحلية وصنفت الى ثلاثة موارد محلية وعامة مشتركة ومركزية وكلها يتم تحصيلها في عدن، ناهيك عن الموارد السيادية كموارد الميناء والمصافي والضرائب وغيرها، ما جعل مسألة رواتب العمال والموظفين في القطاع العام مرتبطاً بالبنك المركزي بصنعاء، التي لازالت محتلة من قبل الحوثيين والمخلوع صالح.

ويرى سكان عدن، أنه كان على الحكومة أن تعمل على ايجاد الحلول الناجعة لتفعيل دور البنك المركزي في عدن كعاصمة مؤقتة، وبالتالي التمكن من الايفاء بالتزاماتها عبر صرف معاشات الموظفين دون الرجوع الى صنعاء.

ويعتقد مواطنون جنوبيون، أن قضية معاشات المتقاعدين تظل مرتبطة بفساد مكاتب البريد التي تتاجر بمعاناة الناس، معتبرين أن حكومة بحاح فشلت فشلا ذريعا في ادارة هذا الجانب، وعجزت عن تأمين مصدر معيشة المواطن، بل إن وزراء في هذه الحكومة مازالوا يتسلمون معاشاتهم من البنك المركزي بصنعاء.

إعادة إعمار عدن

تنقسم عملية إعادة الإعمار في عدن الى قسمين، الأول إعمار مساكن المواطنين، التي تهدمت جراء الحرب أو تلك التي تضررت جزئياً، والقسم الأخر يتعلق بإعمار المؤسسات والمرافق والمنشآت الحكومية.

وبعد مرور أكثر من ثمانية اشهر تقريباً، كان يتوقع أن تكون عملية الإعمار قد أنجزت، وهو ما لم يحدث حيث اقتصرت مشاريع الإعمار، على تجهيزات بعض المجمعات والمستشفيات والمدارس .

ويتساءل الكثيرون، عن أسباب ذلك، هل تتصل بتقصير من قبل دول التحالف أم بعراقيل من أطراف معينة في الحكومة أو غيرها؟ أم بتأخير وتلاعب بأموال قد صرفت فعلاً من السعودية والإمارات لحكومة بحاح؟ في الوقت الذي لايزال كثير من المواطنين الذين تضررت مساكنهم بشكل كامل، يعيشون في اماكن إيوائية غير مناسبة للسكن حتى اليوم، وآخرون في مساكن بالإيجار الذي يدفع من مرتباتهم الشحيحة .

هذه العوامل جعلت مدينة عدن في نظر مواطنيها، ما زالت غير محررة طالما أن كل مفاصل الدولة مشلولة ومرافقها موصدة الأبواب.

مطار عدن الدولي

نال مطار عدن الدولي نصيب الأسد من التدمير خلال الحرب الأخيرة، وبعد تحرير عدن تكفلت الإمارات بإعادة تأهيله وتشغيله، وكان المطار لا يلبث أن يفتح أبوابه خلال الأشهر الماضية حتى يغلق مرة أخرى، لأسباب قد لا تكون مفهومة، إلا أن مسؤولين فيه يقولون إن اغلاقه يأتي لأسباب أمنية .

وما يشكل حالة من الغرابة أن مطار صنعاء مفتوح أمام الرحلات الجوية، ويشهد رحلات يومية على مدار الأسبوع، رغم أن المدينة التي لازالت محتلة من الحوثيين وقوات صالح، تشهد قصفاً عنيفاً من مقاتلات التحالف بشكل يومي تقريباً، فيما تشهد أطرافها حربا برية منذ أسابيع مع المقاومة والجيش الوطني.

ويقول البعض، إن تأمين مطار عدن مرتبط بتأمين المدينة كاملة، فالمطار ليس المربع الذي تهبط فيه الطائرات، وإنما هو كل مساحة المدينة وأجوائها.

أخبار ذات صلة

Back to top button