حصلت الإمارات الأسبوع الماضي على شهادة تقدير هي الأعلى على المستوى الاقتصادي العالمي، شهادة تضاف إلى حزمة شهادات من مؤسسات مالية عالمية تؤكد أن اقتصادها نموذج ناجح قادر على التكيف مع المتغيرات، والمضي قدماً نحو آفاق جديدة.
التقدير جاء هذه المرة من مؤسسة صندوق النقد الدولي، أهم مؤسسات العالم، والشهادة تقول إنها تسير على الطريق الصحيح في بناء اقتصادها، حتى في ظل الظروف الاستثنائية المتمثلة الآن في التراجع النفطي، إذ إنها استطاعات بناء مصدّات مالية خارجية كبيرة، وواجهت تبعات الانخفاض بتنوع متميز.
شهادة الصندوق ليست جديدة بالكامل، حيث دأب الحديث بإيجابية عن الاقتصاد الإماراتي منذ سنوات مع بعض الملاحظات التي يعتقد أنه بحاجة إليها، بما في ذلك زيادة الموارد عن طريق الضرائب وتحرير الأسواق بالكامل.
الجديد في شهادة الصندوق هو ما لمسَتْه شخصياً رئيسة هذه المؤسسة، الفرنسية كريستين لاغارد، في زيارتها الميدانية للإمارات، وخروجها بانطباع أن خطط الإمارات موضوعة بمهارة ووضوح، وهي محددة الأهداف وبمنهاج إداري متميز على المستويات كافة.
وعلى الرغم من أن وجهات النظر بين الإمارات والصندوق ليست متطابقة بالكامل، لكن تحمل بعض الاختلاف، وهي ظاهرة صحيّة لأنها تفتح بابا للنقاش والأخذ بالأفضل، فالاثنان متفقان على ضرورة البحث عن موارد جديدة للعائدات بعيداً عن النفط، والاثنان متفقان على أهمية توفير الحكومة للخدمات المتطورة لمواطنيها، لكن الآليات تختلف.
الصندوق يرى أن الضرائب المباشرة «الدخل والشركات»، وغير المباشرة «القيمة المُضافة»، وسائل مهمة لزيادة العائدات، وهو أمر يطبق في العالم لتمكين الحكومات من توفير الخدمات، لكن الإمارات ترى أن هذه الوصفة قد لا تكون مناسبة لكل الأمراض، فلكل حالة خصوصيتها، ولكل جسم طبيعته ومناعته.
الإمارات، على لسان وزير الدولة للشؤون المالية عبيد الطاير الذي يدير بنجاح منذ عقد من الزمن السياسة المالية للبلاد، لا ترى أن هناك حاجة لفرض ضريبة على الدخل، أما الشق الثاني، وهو الضريبة على الشركات، فالأمر قيد الدراسة الأولية لمعرفة تأثيرات ضريبة كهذه، اجتماعياً واقتصادياً وتنافسية، فيما الضرائب غير المباشرة التي يتحدث عنها الصندوق، وهي القيمة المُضافة، فيجري العمل مع دول التعاون على الاتفاق النهائي عليها، ويعتقد أن ستبدأ في 2018 أو 2019.
الإمارات بهذا الرد تنفذ ما تعتقد أنه مناسب لاقتصادها ومواطنيها، وهي تدرك أن نهجها المتدرج والمرن ، أفرز اقتصاداً هو أكثر حيوية وتنوعاً على صعيد الإقليم، واستطاع أن يتحول إلى نموذج عالمي يتمتع بتنافسية عالية.
الاستعداد لعصر ما بعد النفط انطلقت شرارته، وبات نهج لدى القيادة والقطاعين العام والأهلي، يضاف إلى القاعدة الراسخة التي تم وضع لبناتها منذ تأسيس الاتحاد، والتي أفرزت حتى الآن تقليصاً في الاعتماد على النفط بمعدل لا يتجاوز ثلث الاقتصاد الكلي.