نون والقلم

من حرق مزارع شرق القناة؟

فى الطريق إلى مطار الاحتفال بافتتاح القناة الجديدة، عبرنا إلى الضفة الشرقية للقناة الجديدة، باستخدام كوبرى السلام.. ولأننى أمتلك عيناً بانورامية لاقطة.. وجدت ترعة الشيخ جابر الأحمد شبه جافة.. وكل فروعها بلا أى مياه.. بل تكاد بحور الرمال تدفن الترعة وفروعها.. وبالطبع ووسط هذه الحرارة الشديدة وجدت الشمس قد أحرقت معظم النباتات وبالذات عند قرية الأمل.. وما بعدها.

كانت أشجار الموالح والنخيل شبه محروقة، حتى سياجات الأشجار التى تحمى المزارع من هبوب الرمال.. كانت كلها محروقة.. أى جافة للغاية.. وربما كانت أشجار الزيتون هى الوحيدة الصامدة، وسط حرارة الجو الملتهبة.. ولم أجد إنساناً واحداً فى كل هذه المناطق.. ولكن بعض الحمير ترعى ما تبقى من حشائش.. إن كان قد بقى شىء منها!! وتعجبت.

<< فهل ياترى يعرف وزير الزراعة الدكتور صلاح هلال هذه المعلومات.. وهو الوزير المسئول عن كل أراضى مصر الزراعية.. أم يا ترى سيناء غير تابعة لوزارة الزراعة.. ولا حتى وزارة الاستصلاح الزراعى.. أم يعيش الوزير على التقارير التى تأتى إليه، عبر المكاتب.. وان كل شىء تمام يا أفندم.

وهل يعرف هذه المعلومة الدكتور حسام مغازى وزير الرى والثروة المائية وهو الوزير المسئول عن حسن توزيع المياه الضرورية للرى.. نقول ذلك لأن هناك من يقول ـ فى الوزارة ـ انه تم إنشاء سحارات نقل المياه، تحت القناة الجديدة تأخذ المياه من خروجها من السحارة القديمة التى تنقل مياه ترعة السلام ـ من النيل قرب دمياط ـ الى حافة غرب القناة القديمة لتأخذ المياه طريقها شمالاً فى مجرى ترعة السلام فى شمال سيناء.. ثم تعطى حصة من المياه الى ترعة الشيخ جابر لتروى القطاع الأوسط والجنوبى من سيناء.

<< فهل فعلاً تم تنفيذ سحارة مياه الرى، إلى شرق القناة الجديدة.. أم انها مجرد كلام جرايد وتقارير مكتبية لا أكثر ولا أقل.. وهنا نعلم أن حصة من حكاية زراعة المليون فدان تخص سيناء.. فهل يستقيم ذلك مع نقص مياه الرى الى هذه المنطقة.. وان الأمر يصل الى حد الجفاف.

المؤلم أننى رأيت ـ بعد قرية الأمل هذه ـ عدداً كبيراً من الصوبات الزراعية جاهزة تماماً.. من كل الترتيبات، ولكنها بلا أى زراعة أو أى حياة.. وهنا نعرف أن عمر مهمات هذه الصوبات لا تعيش أكثر من 4 سنوات.. مطلوب بعدها إعادة تأهيلها.. فهل أيضاً تعود مشكلة هذه الصوبات ـ العصرية ـ  الى نقص مياه الرى التى توصل المياه الى الرشاشات بدليل أن أحواض الرى بجوار هذه الصوبات جاهزة وخالية من المياه.. فلماذا.

<< أم أن المشكلة مرتبطة بإجراءات الأمن التى صاحبت عملية الاحتفال بافتتاح القناة الجديدة.. وأن المشكلة ستنتهى بمجرد انتهاء هذه المناسبة.. ثم.. أين البشر.. أين العمال والفلاحون الذين من المفترض أن يزرعوا هذه الأراضى.. ويرعوا هذه الصوبات؟.

أم ياترى السبب أن هناك مشاكل بين من يزرع هذه المساحات وبين الهيئة المسئولة عن تنمية وتعمير سيناء.. وأن هذه المناطق تمت حول ملكية هذه الأراضى وبعضها «وضع يد» واعتبارها «منطقة حرم» لمنطقة مشروعات تنمية القناة.. وبعضها يمكن أن يدخل ضمن حماية المنطقة المحيطة بشرق القناة الجديدة.. أو حتى لتصبح منطقة لإنشاء المدن والتجمعات السكانية حول شرق القناة.

<< كل هذه أسئلة تنتظر إجابات من وزارتى الزراعة والرى.. بل تحتاج إجابات عاجلة.. على الأقل حتى ننطلق نحو تنفيذ مشروع المليون فدان.. وان كنت أشهد أننى رأيت مساحات كبيرة مزروعة بأشجار المانجو التى تشتهر منطقة الإسماعيلية بزراعتها ولكن ماذا عن مياه الرى.. نقول ذلك لأننا نعرف كل أنواع الخضراوات والفواكه التى تجود زراعتها فى سيناء، وبالذات: الخيار والطماطم والفلفل والكوسة.. ثم الكنتالوب والبطيخ والخوخ واللوز.. والزيتون ونخيل البلح والتمور.

وهنا أتمنى أن ندرس جيداً حكاية خلط مياه النيل بمياه الصرف الزراعى «متر مقابل متر» من المياه. أى لابد من عمليات تنقية مياه الصرف هذه، قبل خلطها بمياه النيل، حتى لا ننقل أمراض التربة الزراعية فى الدلتا، الى الأراضى الجديدة فى سيناء.. أى لابد من معالجة مياه الصرف، حتى ولو كان بعضها سوف نستخدمه فى عمليات زراعة الأسماك، هناك فى سيناء.

<< وقبل أن نتمادى ونصرح بأننا سوف نزرع مليون فدان علينا أن ندرس كيف سندبر المياه اللازمة لها.. للرى، نقول ذلك ونحن نؤكد على أهمية مشروع المليون فدان، لأن محمد على باشا ضاعف مساحة الأرض الزراعية من مليونى فدان الى أربعة ملايين وخلال 20 عاماً فقط.

ونحن فى انتظار «كلام حقيقى» عما أصاب هذه الأراضى التى رأيتها وأنا متجه الى منصة الاحتفالات.. قبل أن تدفن الرمال كل الترع والمساقى التى أنفقنا عليها ملايين الجنيهات.

<< من يرد علينا ويطمئننا على مستقبل هذه الأراضى فى سيناء كلام علمى.. حقيقى، بعيداً عن كلام التقارير المكتبية!!.

نقلا عن صحيفة الوفد

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى