يوم الأم.. يوم فيه القلوب تبتهج والفكر يتفق، مناسبة تأتي لتروي. تحرّك اللسان ليسدل الستار ويفصح عن وصف كل ما هو جميل لينطق أمي فتكتبها اليد وتوضع النقطتان.. ثم يتفوه تُرجمان القلب فيخيل له أن يصف عطاء الأم، فيبوح ويبوح ليجد نفسه يقف عاجزًا عن إيفاء حقّها، منخذلًا أمام بحر عطائها، تائهًا دونها.
الأمومة أرقى درجات الحب، وأنبل معاني الإنسانية وأبهى صورها، هي سيل من العطاء، تضحية دون مقابل، هالة عظيمة من الدفء والطمأنينة، ضحكات آمنة من خوف. الأمومة كلمة تحمل في طياتها معانيَ لا حصر لها ومشاعر كزبد البحر.
الأم هي من ترعى أبناءها ليلًا ونهارًا، لا تكل ولا تمل، هي من يحتضن، هي الدعم وقت النجاح ووقت السقوط أيضًا، هي الأقرب والأحن، الأم عائلة مكتملة الأطراف، الأم قوة ونعومة على حد السواء. هي من أنفقت عمرها، لتجعل لنا الطريق سويًا مستقيمًا دون عثرات، هي التي جئت الدنيا على حساب وجعها وألمها، ومتى غبت عنها فلا قلب يعتصر حزنًا مثل قلبها
الأم مُعظمة ومُكرمة في جميع الأديان السماوية.. وفي الإسلام كرَّمها رب العزة في كثير من آياته، وأمرنا بحسن معاملتها وإكرامها، وجعلها ووصانا بها ونهانا عن عقوقها، إذ قال الله تعالى «وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا».
كما دعانا للدعاء للوالدين دائمًا بالرحمة وطلب المغفرة لهما من الله – عز وجل – سواء أحياء أو أموات، إذ قال الله تعالى «وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا».
الأمهات أساس المجتمعات ولولاهن ما كنا نحن.. فاغتنموا رضاهن فإنه كنز لا يفنى.. فمن له أمه فليطعها ويبر بها ويلزم قدميها ، ومن فارقته إلى دار البقاء فليدعُ لها بالرحمة والمغفرة وجنة الفردوس. فهي الآن أحوج إلى دعائك كما كنت أنت في حياتها أحوج إلى دعائها.
وأخيرًا أوجه رسالتي لأمي ملكتي المتوّجة. إن كان للحزن 40 شبيهًا.. فقلبك كافِ لأن يكون موطنًا
إحدى صديقاتي نعتتها بالهادئة.. فرددت سرًا «حكمت على هدوء حديثها فما بالها إن أدركت هدوء قلبها!».
كل عام وأنتِ بخير.. كل عام وأنتِ عمود بيتنا الفقري، كل عام وأنتِ الأحق والأولى أن أكشف عورة أحزاني أمامك.. تمتمتك بالدعاء لي تروي قلبي بالرضا.. أنا ابنتك أحوج الناس للشكوى.. وأنتِ أحوج كتف للاستناد.. أريدك أن تلمسي تعبي فلا يد تؤتمن غيرك.. فإنك الدواء الأمثل لقلبي السقيم.. أدامك الله لنا رمزًا للحب للعطاء.