نجوم الهلوسة
فلانة التي على «انستجرام» تصور ما يحلو لها، وتسجل من الكلام ما يخطر على بالها، تقذف البعض وتهزأ من البعض الآخر، وتحشر كلمات بذيئة بين جملها ومفرداتها، هي تعتقد أنها أصبحت مؤثرة.
وفلان الذي على «سناب شات» فعال ومتفاعل ونشط وثرثار، وعنده متابعون يرسلون له «لايكات» وأنواعاً أخرى من الإعجاب. فيعجب بنفسه.
وفلان في «تويتر» ساحته، يشكل نفسه بعبارات مقتبسة من الفلاسفة والحكماء، يذكرهم أحياناً وينساهم أحياناً أخرى، ويتقمص «أرسطو» و«أفلاطون» حيناً وحيناً يكون «نيلسون مانديلا» أو «غاندي»، وفجأة يعتقد أنه أهم من هؤلاء.
وفلانة تطل من «فيسبوك» معترضة على كل شيء، نصحها أحدهم باختيار أقصر الطرق للتسلق، وقد اختارت أن تكون معارضة حتى يتم احتواؤها، وقد انطلت عليها أوهامها، وبدأت تعطي دروساً في كل شأن وحدث.
فلانة وفلان ومعهم علان وفلتان، ليسوا سوى عينات لأولئك الذين تعلموا القراءة والكتابة وملكوا جهازاً حديثاً يعمل على «الواي فاي»؛ وهذه شكلها مقبول، وتلك نبرتها تساعدها على الثرثرة، وهذا يحفظ الأسماء والجمل التي يقرأها، وذاك يظن أن دمه خفيف.
هم مكررون، فلا تبحثوا عن أسماء، حتى الذين يعتقدون أنني أقصدهم ليسوا هم المقصودين، ولكنهم مشمولون، متى انطبقت عليهم الأوصاف يمكن أن ينضموا إلى القوائم الفلانية. المهم، أن هؤلاء، أقصد بعض هؤلاء، في لحظة يتحولون إلى نجوم، تلتقطهم أيادي المفلسين من مديرين ومعدين للقنوات الفضائية، وتقرر تحويلهم إلى نجوم. فلانة تقدم برنامجاً جاداً فتسقط على «أم رأسها» محققه فشلاً ذريعاً، وفلان يسخر من الناس في قناة أخرى وفرت له كل الإمكانات، ويسقط، فيضطر إلى السخرية من نفسه، مرة يكنس أرضية الأستوديو، ومرة يتمدد على الطاولة، ويسقط، والقناة تنتظر انتهاء الدورة المتعاقد عليها، وفلان يحلل وينظر، فهو ناشط ومفكر، وينكشف.
الخلاصة من كل ما سبق أن الإعلام لا علاقة له بهلوسات المهلوسين.