نون لايت

منتدى مستقبل الاتصال الحكومي يختتم النقاشات باستعراض استراتيجيات أوقات الأزمات

منى المرّي: القمة مثلت فرصة نموذجية لعقد المنتدى أمام جمهور عالمي ضم قادة ورؤساء حكومات ومفكرين ومبدعين في مختلف المجالات
خبراء دوليون ناقشوا مستقبل إدارة عمليات الاتصال في أوقات الأزمات ضمن الجلسة الختامية للمنتدى

نون دبي   

عُقِدت اليوم الثلاثاء الجلسة الأخيرة من فعاليات منتدى «مستقبل الاتصال الحكومي»، الذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة دبي ضمن أعمال الدورة السابعة من القمة العالمية للحكومات والتي تناولت مستقبل إدارة عمليات الاتصال خلال الأزمات في ظل المستجدات التي أفرزتها الظروف الحالية وتعقيد البنية الهيكلية للأزمات بمختلف أنواعها وذلك للتعرف على أفضل الممارسات المتبعة في هذا المجال لتعزيز أداء منظومات الاتصال.

وجاءت الجلسة التي شارك فيها كل من: نانسي جمال، ممثلة التحالف الدولي ضد «داعش»، وبرناردينو ليون، مدير عام أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، ويوهان فيربيكي، المدير العام للمعهد الملكي للعلاقات الدولية (إيغمونت)، بروكسل، متوافقة في مجمل أهدافها مع المساعي الحثيثة للقمة العالمية للحكومات نحو إيجاد الأطر الكفيلة بتحسين نوعية حياة الناس في كافة المجالات، بما في ذلك قطاع الاتصال الاستراتيجي الذي يمثل أحد أهم القطاعات عميقة التأثير في حياة الناس أينما كانوا في هذا العالم الحاشد بالتطويرات السريعة والمتلاحقة والتي تتطلب سرعة وقوة موازية في التعامل مع الأخبار والمعلومات.

ومع ختام المنتدى، وجّهت سعادة منى غانم المرّي، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، الشكر لجميع من ساهم في إنجاحه مع انعقاده للمرة الأولى ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات، معربة عن خالص التقدير للمتحدثين الذين شاركوا في حوارات المنتدى على مدار أيامه الثلاثة، وضمن الجلسات التي تعرضت إلى طيف من الموضوعات المتعلقة بواقع ومستقبل الاتصال الحكومي وفرص تعظيم دوره في دعم توجهات التنمية وتأكيد قدرة دول المنطقة على العبور إلى المستقبل انطلاقا من أرض صلبة من الوعي بأبعاد القضايا المحيطة والمؤثرة في آفاق التطوير ضمن مختلف دولها، وذلك اتساقا مع أهداف القمة العالمية للحكومات التي تهدف في مجملها ومن خلال أكثر من 200 جلسة حوارية شملتها دورتها السابعة إلى تحسين حياة الناس سواء في المنطقة أو مختلف أنحاء العالم.

وقالت سعادتها إن القمة مثلت مناسبة نموذجية لعقد هذا المنتدى الذي تعرض بالنقاش لجملة من الموضوعات المهمة، أمام جانب من الجمهور الضخم لهذا الحدث العالمي المقدر قوامه بنحو 4000 مشارك من 140 دولة وضم قادة ورؤساء حكومات وكبار مسؤولين حكوميين وقيادات اقتصادية ورؤساء شركات عالمية ومفكرين ومبدعين في مختلف المجالات، في حين استقطب «منتدى مستقبل الاتصال الحكومي» نخبة من المسؤولين والخبراء والمختصين من المنطقة والعالم ساهموا على مدار أعماله في رسم الخطوط العريضة لمتطلبات التطوير لقطاع الاتصال الحكومي على المديين القريب والبعيد بما يواكب تطلعات التطوير في المنطقة.

وفي بداية الجلسة التي أدارتها نورة العبار، مدير إدارة الشؤون الإعلامية الإستراتيجية بالمكتب الإعلامي لحكومة دبي، أكدت نانسي جمال أن التحالف الدولي ضد «داعش» يضم 74 دولة تتعاون فيما بينها لمجابهة هذا التنظيم الإرهابي على مختلف المستويات العسكرية واللوجستية والمالية والفكرية ما تتطلب تأسيس شبكات دولية للتواصل وتوحيد الجهود بين مختلف بلدان العالم.

وأشادت جمال بدور الإمارات العربية المتحدة التي بادرت بتأسيس المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف «هداية» في أبوظبي ليكون نواة لاستراتيجيه وطنية لمواجهة التطرف، وتعزيز الفكر الوسطي القائم على التسامح لاسيما وان التنظيم ذو الفكر الظلامي تبني مقاربات حديثة لم تستخدمها الكيانات الإرهابية من قبل لتضليل الشباب واستقطابهم وتمرير الرسائل الهدامة المعتمدة على مجموعة من الأكاذيب.

وحول المنهجية التي اتبعها التحالف لمجابهة الموجات المتعاقبة من المد الإرهابي والتكفيري لداعش، أضافت نانسي جمال إن إستراتيجية الاتصال اعتمدت على التعريف بالحقائق وتفنيد الأكاذيب التي يروجها التنظيم، ونشر رسائل الأمل في المناطق التي تعاني ويلات داعش وإبراز حالة الاستقرار التي تنعم بها المناطق المحررة من خلال حملات منظمة تحت عنوان «الحياة بعد داعش» تحمل مجموعة متناسقة من الرسائل غير المباشرة التي ترصد حالات لأشخاص يمارسون حقوقهم الطبيعية مثل التعليم والرعاية الصحية بعد أجلاء «داعش» من أراضيهم.

وبدوره أكد يوهان فيربكي ومن خلال خبراته الطويلة كمفاوض وخبير في إدارة عمليات الاتصال خلال الأزمات أن الأشكال المتعددة للتواصل خلال الأوقات الحرجة تعتمد في المقام الأول على التفاهمات والحلول الوسطية التي توفر لكافة الأطراف مساحة كافية، منوهاً بأن الحلول المثلى في أغلب الأحيان لا تلقى القبول من كافة الجهات على مائدة المفاوضات.

ويرى فيربكي أن الطبيعة القاسية للأزمات تسهم في تشكيل شخصية المفاوض وتصقل قدرات الاتصال لديه كونه يجبر على التعامل مع موقف معقد له خصائص معينة يأتي في مقدمتها عدم توافر القدر الكافي من المعلومات الكاملة والموثوقة، وانتشار كم كبير من الأكاذيب القائمة على المبالغة والتهويل، فضلاً عن الضغط الخانق من وسائل الإعلام، واستناداً على هذه المعطيات ينبغي على مدير الاتصال إيجاد أرضية صلبة للوقوف عليها إذ لا يجب استخدام أي أرقام غير مؤكدة وعدم الانسياق وراء الأسئلة العدائية والاكتفاء بتعريف الوضع الراهن بكل مصداقية وشفافية والكشف عن المزيد من الحقائق عقب التأكد منها والتحري عن مصداقيتها.

وبدوره، قال برناردينو ليون، أن الأزمات ذات الطابع السياسي لها سمات وطبيعة خاصة تختلف عن نظيراتها في المجالات الأخرى يأتي في مقدمتها صعوبة أو «استحالة» التنبؤ بها كما هو الحال مع أزمة «السترات الصفراء» في فرنسا التي بدأت ومن ثم انتشرت كما النار في الهشيم خلال فترة زمنية قصيرة.

وعن رأيه في التعامل مع الأزمة التي واجهتها بلده «اسبانيا» خلال القرن الماضي، ودوره المؤثر للخروج منها، أقر ليون بأن اسبانيا عانت من الإرهاب لستة عقود تم خلالها التنسيق مع مختلف الشركاء في العاصمة مدريد وإقليم «كاتالونيا» لتنفيذ إستراتيجية قادرة على إنهاء الأزمة حيث تم نشر رسائل متناسقة تظهر في المقام الأول مشاعر الحزن والاحترام لما عاناه ضحايا العمليات الإرهابية، وتؤكد على عزم كافة مؤسسات الدولة على تقديم مختلف أنواع المساعدة، لافتاً أن بعض المسؤولون العاملين ضمن هذه الجهود واجهوا صعوبات جمة أودت بمسيرتهم الوظيفية بسبب التصريح بمعلومة واحدة غير دقيقة أو رقم واحد غير صحيح.

وفي نهاية حديثه، اعتبر ليون أن المفاوضات التي أشرف عليها كمبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيا كانت تمثل تحدياً كبيراً نظراً لتعقيد الموقف وتشابكه في ذلك الوقت إذ لم يكن هناك رؤية واضحة عن أطراف المفاوضات وآلية التفاوض، فضلاً عن عدم وجود منظومة اتصال في ذلك الوقت بسبب تعمد النظام الحاكم هناك في ذلك الوقت تمرير رسائل أو «أوامر» من طرف واحد ما كان السبب في عدم وجود وعي كاف حول أسس المفاوضات الديمقراطية وأركانها القائمة على الحوار والتعددية.

ويأتي المنتدى الذي شهد تنظيم ثلاث جلسات في إطار جهود المكتب الإعلامي المستمرة لبناء شراكات إستراتيجية مع العديد من الكيانات الإقليمية والدولية بهدف دراسة وتحليل منهجيات الاتصال الحديثة وتطويرها بما يناسب الوضع في دبي والإمارات لرفع جاهزية الجهات والأفراد العاملين في هذا المجال الحيوي وذلك من خلال مجموعة من الجلسات المتخصصة بمشاركة نخبة من خبراء الاتصال من المنطقة والعالم.

وقد تناولت الجلسة الأولى موضوع مستقبل الاتصال الحكومي من منظور القائمين على العمل الإعلامي الرسمي في عدد من الدول العربية، وشارك في الحوار معالي علي بن محمد الرميحي، وزير شؤون الإعلام في مملكة البحرين، ومعالي جمانة غنيمات، وزيرة شؤون الإعلام بالمملكة الأردنية الهاشمية، ومعالي حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام بجمهورية مصر العربية، وأدارت الحوار الإعلامية منتهى الرمحي التي طرحت على المشاركين مجموعة من التساؤلات المهمة في محاولة للوقوف على أبعاد المشهد الخاص بالاتصال الحكومي العربي، ومتطلبات تطويره للقيام بالدور المنتظر منه كشريك له تأثيره في دفع جهود التطوير والتغلب على التحديات التي قد تعترضها وصولا إلى تحقيق الأهداف التنموية المنشودة لمجتمعاتنا العربية.

وكان تأثير التطور التكنولوجي وتأثيره في قطاع الاتصال الحكومي الموضوع الذي ناقشته ثاني جلسات المنتدى، انطلاقا من التأثيرات العميقة التي أحدثتها تطورات تكنولوجيا الاتصالات في هذا القطاع، وما أسهمت به من تبديل العديد من معايير الاتصال السائدة، وتناولت الجلسة أهم تلك التطورات بما فيها الذكاء الاصطناعي بما يمهد له من تحولات جذرية في مجال الإعلام والاتصال ونشر المعلومات والأخبار، وتحدث في الجلسة كل من: كاسندرا كيلي، مؤسسة «بوتينجر و تشانج» وعضو لجنة الاتحاد الأوروبي للتكنولوجيا، وخوان كارلوس رفيرو، الرئيس التنفيذي لشركة «فيلينكس»، ويارسلو كروليوسكي، الرئيس التنفيذي، لشركة «ساين رايز»، وأدار النقاش الإعلامي فيصل عباس، رئيس تحرير عرب نيوز.

كما نظّم المكتب الإعلامي لحكومة دبي وفي ختام أعمال المنتدى جلسة متخصصة شارك فيها قيادات العمل الإعلامي الإماراتي وكذلك ممثلي المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية العاملة في الدولة، بهدف الوقوف على سبل تعزيز التعاون البناء بين الإعلام والقطاعات الحكومية، في ضوء مفهوم الشراكة نحو النجاح، تأكيدا على دور الإعلام في تأكيد قدرة الشعوب على استيعاب أهداف التنمية وإدراك أبعاد المواقف المحيطة بهم ومن ثم تحديد متطلبات العمل خلال المرحلة المقبلة.

يُذكر أن المنتديات المتخصصة التي تضمنتها القمة العالمية للحكومات قد انطلقت قبيل افتتاح القمة في دورتها السابعة وتحديداً في الثامن من شهر فبراير الجاري وغطت العديد من الموضوعات وشملت: الحوار العالمي للسعادة وجودة الحياة، منتدى التوازن بين الجنسين، والمنتدى الرابع للمالية العامة في الدول العربية، ومنتدى الشباب العربي، والمنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي، ومنصة السياسات العالمية، ومنتدى التغيّر المناخي، ومنتدى أهداف التنمية المستدامة، ومنتدى الصحة العالمي، ومنتدى الخدمات الحكومية، ومنتدى المهارات المتقدمة، ومنتدى مستقبل الوظائف، ومنتدى مستقبل الاتصال الحكومي، ومنتدى المرأة في الحكومة، ومنتدى مستقبل العمل الإنساني، علاوة على منتدى أستانا للخدمة المدنية الذي شاركت فيه 40 دولة وعقد لأول مرة في المنطقة من خلال استضافة القمة له هذا العام.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى