وسط أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى انخفاض العملة التركية وإفلاس آلاف الشركات وهروب المستثمرين تجرى فى نهاية هذا الشهر انتخابات البلدية التركية التى يشارك فيها 13 حزباً بينها حزب العدالة والتنمية الذى يرأسه رجب طيب أردوغان والذى يدخل انتخابات البلدية متحالفاً مع حزب الحركة القومية، بينما يعانى الاقتصاد المشترك مشكلات بالغة الخطورة أدت إلى انخفاض الإنتاج الصناعى بنسبة 6% وهبوط مبيعات التجزئة بنسبة 7% وانخفاض معدلات النمو من 7.4% عام 2017 إلى 2% وزيادة التضخم إلى 20.2% وارتفاع نسبة البطالة إلى 11%، وتُشير استطلاعات الرأى العام إلى أن الاقتصاد التركى هو القضية رقم واحد، وأن هناك غيوما مظلمة فى النفق تهدد أردوغان وحزبه، معظمها من صنع أردوغان نفسه الذى يقود البلاد إلى نكسة خطيرة بعد أن تم تسريح الكثير من العمال وامتلأت السجون بالمعارضين وقتل أكثر من 150 ألف شخص، بينما تجف الاستثمارات.
ورغم أن الكثير من المعارضين السياسيين لنظام أردوغان تم سجنهم أو تهميشهم وبين هؤلاء 9 نواب برلمانيين من حزب الشعب الديمقراطى، إلا أن الحزب لا يزال يحتفظ بمكانته كثالث أكبر الأحزاب التركية، ولعلها المرة الأولى فى التاريخ التى تتوحد فيها الأحزاب الكردية فى جبهة واحدة ضد حزب العدالة والتنمية الذى يرأسه أردوغان، والذى كان يحصل سابقا على عدد كبير من الأصوات الكردية، خاصة فى المناطق الريفية المحافظة، وإلى جانب المشكلات الداخلية التى يواجهها أردوغان، فإن سياساته الخارجية لم تحقق نجاحا، وفشل الاحتلال التركى لشمال سوريا فى تشتيت قوات سوريا الديمقراطية التى لا تزال تحتفظ بأسلحتها الأمريكية، ويبدو بشكل متزايد أن تركيا تتعثر فى مستنقع صعب شمال سوريا بعد أن وقعت فى فخ المواجهة مع الروس والأمريكيين، ويواجه الجيش التركى التشتيت على جبهات متعددة فى الوقت الذى لا يزال يعانى مغبة عمليات تطهير الضباط والرُتب التى أعقبت الانقلاب الفاشل فى عام 2016، وثمة تقارير مؤكدة تُفيد بأن الجيش التركى غير راض عن عملية احتلال الأراضى السورية، ويؤكد موقع فورين بوليسى الأمريكى أن انتخابات البلديات سوف تركز على القضايا الداخلية ومشكلات الاقتصاد التركى، وأن تحالف حزب العدالة والتنمية يحشو قوائم الناخبين بأسماء غير موجودة ويفعل كل ما يستطيع بما فى ذلك تعبئة الصناديق بأصوات انتخابية مزورة ليحافظ على نظام أردوغان الذى يعانى نكسة كبيرة، يمكن أن تحول انتخابات البلدية التى تجرى يوم 31 مارس الحالى إلى رسالة توبيخ لحزب العدالة بعد أن أحكم أردوغان قبضته على جميع مفاصل القرار فى تركيا وأغلق أكثر من 175 صحيفة وموقعا، وترك أكثر من 12 ألفا من العاملين فى مجال الإعلام دون وظائف، كما فقد أكثر من 8 آلاف صحفى من أصل 24 ألفا عملهم الصحفى.
وقد كشفت استطلاعات الرأى العام التركى حول انتخابات البلديات التركية فى ولاية إسطنبول أن مُرشح حزب العدالة والتنمية يتقدم بنسبة 50.9 فى المائة على منافسة مرشح حزب الشعب الجمهورى الذى يمكن أن يحصد 47% من الأصوات، وفى بلدية أزمير يتقدم حزب الشعب الجمهورى بفارق 13 نقطة ليحصل على 55% من الأصوات، بينما يحصل حزب العدالة على 42%.
وفى ولاية إسكى يتقدم مرشح المعارضة على مرشح حزب العدالة بفارق يصل إلى 2% وتُشير معظم استطلاعات الرأى العام إلى أن رسالة التوبيخ تكاد تكون هى القاسم المشترك فى عديد من الولايات، حيث يسود البلاد اعتقاد عام بأن مشكلة تركيا الأساسية هى أردوغان الذى يفرض رأيه على الجميع، لأنه يعتقد أن الديمقراطية مثل عربة الترام التى تنزل منها عندما تصل إلى وجهتك، وبرغم أن التصريح أطلقه أردوغان قبل 20 عاما فإنه يلخص على نحو صحيح فكر ونهج الرئيس التركى.