نون والقلم

مشاري الذايدي يكتب: الإعلام السعودي ومعركة خاشقجي

 هل فاز الإعلام «القطرإخواني» على الإعلام السعودي، والإعلام المحبّ للسعودية بمعركة « خاشقجي »؟

سؤال مباشر، والإجابة عنه ليست باليسر والسهولة التي تبدو لمن يأخذ الأمر من سطحه، ولا يكلِّف نفسه متعة، ولا أقول عناء، الغوص تحت قشرة الماء.

نعم، ظهر الأمر في جَلَبة جمال خاشقجي خلال الأيام السالفة، وما زال للجلبة بقايا، أن قرع الطبول «القطرإخوانية» (وأنا ألحّ على هذا المزج بين قطر و«الإخوان»؛ إذ لا معنى لأي منهما دون الآخر) هو الأجهر صوتاً، على مسامع الناس.

منصَّات «الجزيرة»، والعاملون عليها، وابن السبيل من «مجاهدي» الإخوان في العالم، ومعهم المشفقون المرهفون الحريصون على حقوق الإنسان وحرية التعبير، من أنصار إيران الخمينية! وصحافيي اليسار الموتور في الغرب، أميركا وغير أميركا، كل هؤلاء، أجلبوا بخيلهم ورجلهم، لترويج روايتهم الخاصة عن جمال خاشقجي، وسلّوا سيوفهم، وأشهروا رماحهم، وفوّقوا سهامهم، وفكروا وقدّروا، فحجب رهج غبارهم الأسود العيون، وتغشّى الوجوه.

هذا صحيح، كله، ولكن هناك من صبّ نار غضبه، من السعوديين وغيرهم، على الإعلام السعودي، خصوصاً أسماء بارزة فيه، منها المرئي والمقروء.

فمن قائل: أين صوت الصحافيين السعوديين؟! ومن قائل: أين نحن من صحف مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز»، وقنوات مثل «سي إن إن»، و«سي إن بي سي»، و«الغارديان» و«بي بي سي»… إلخ؟!

ومن قائل: لم ننجح في بثّ روايتنا، ونجح أنصار «الإخوان»، وإيران، واليسار، في تثبيت روايتهم، وسبب هذا انعدام حرية التعبير، أو غلبة الحماسة والهيجان العاطفي لدى بعضنا على «المهنية».

أنا – ومع وجود ملاحظات «حقيقية» لدي على مجمل المشهد الإعلامي، ليس هذا موضع شرحها – أختلف مع التشخيص السابق، تماماً.

فـ«الجزيرة»، ومن جرى مجراها، باللغة العربية وغيرها، لم يفرضوا روايتهم لأنهم أكثر «مهنية»… هذا غلط، فـ«الجزيرة» بعيدة عن المهنية، بُعْد «شعبولا» عن قراءة نوتات بيتهوفن. «الجزيرة» وأخواتها كانت الأعلى صوتاً، لأنها خاطبت جمهوراً ينتظر منها مثل هذا الكلام… كانت تسبح في مسبحها الطبيعي، ولو قالت غير ذلك، لما أنصت لها هذا الجمهور.

الذين طربوا لكلام الإعلام «القطرإخواني» هم أنفسهم أو آباؤهم، من كان منحازاً ضد السعودية في حرب الكويت 1990، قبل وجود «الجزيرة» أو قناة «العربية»؛ فليس في الأمر عظمة من «الجزيرة» وأخواتها!

هل يعني ذلك أن إعلامنا بخير وليس بحاجة لرؤية جديدة، ونهج مختلف وأدوات نوعية؟

أكيد الجواب هو: لا… بل هو بحاجة، بيد أن الغرض من الكلام السابق الاختلاف مع التشخيص الغلط. وربما للكلام بقية.

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى