نون والقلم

محميد المحميد يكتب: التقرير الأمريكي.. قراءة أخرى

تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان في دول العالم، سياسي لا حقوقي.. هذا ما أكده وزير الخارجية الأمريكية بنفسه، وليس أي مسؤول آخر، حيث قال: «إن سياسة الإدارة الأمريكية تتمثل في التعامل مع حكومات الدول بصرف النظر عن سجلها الحقوقي، في حال خدم الأمر مصالح الولايات المتحدة»، أي أن أمريكا ستتعامل مع الدول وفق مصالحها لا حقوق الإنسان.

وبناء عليه فإن التقرير الأمريكي، الذي تلقفته بعض جهات سياسية، ومنصات إعلامية، في الداخل والخارج، وأخذ بالترويج والتهويل لما جاء فيه من قضايا عن الدول الخليجية وغيرها، هو مجرد تقرير سنوي روتيني غير مهني، ولم يعد له مكان فاعل في السياسة الأمريكية، ولأنه ليس بالتقرير «الموضوعي» الذي يستند عليه، أو يتخوف البعض منه، أو يتاجر البعض فيه.

أخبار ذات صلة

لسنا بحاجة إلى الدفاع عن أنفسنا في المجال الحقوقي، أو الرد المسهب على التقرير الأمريكي، لأن الوضع الحقوقي والمبادرات الحضارية التي تقوم بها بلادنا غدت نهجا ودستورا، وفكرا وممارسة إيجابية ومتطورة، وفيها من الضمانات والحقوق التي لا تتوافر حتى في الإدارة الأمريكية نفسها، وأن ما تقوم به بلادنا من إجراءات وضوابط قانونية ضد من يتجاوز القانون ويمارس الإرهاب ودعمه والتشجيع عليه، هي إجراءات سليمة وقانونية.

وكما أن «فزاعة» مناقشات مجلس حقوق الإنسان السنوي، ومواقف المنظمات المسيسة ببياناتها وتقاريرها غير الموضوعية، لم تعد تشكل أي تهديد ولا تأثير، في ظل متانة وصلابة الموقف الحقوقي البحريني وشفافيته.. فكذلك هو التقرير الأمريكي، لم يعد يشكل أي تأثير، ولا مصداقية، وهذا بشهادة الوزير الأمريكي نفسه، وليس بكلام أي مسؤول خليجي رسمي.

يكفي أن نعلم أن التقرير الأمريكي وصف «مرتفعات الجولان السورية» بأنها الأراضي التي «تسيطر عليها إسرائيل»، وليس بوصفها المعتاد في التقارير السنوية بأنها الأراضي التي «تحتلها إسرائيل».. وبالتالي فإذا كانت بداية التقرير تعرف من عنوانه، فلا داعي للتخوف من تفاصيله، لأنه لا يأتي بأي حقائق ومعلومات ذات مصداقية وموضوعية ورصانة، ودفاعا عن حقوق الإنسان.

الوزير الأمريكي اعترف بنفسه أن التقرير ينطلق من المصالح الأمريكية لا الحقوق الإنسانية، وهذه أكبر إدانة للتقرير نفسه، وعلى الرغم من أن توقيت التقرير جاء بالتزامن مع جلسات مجلس حقوق الإنسان، وهو المجلس الذي أعلنت أمريكا الانسحاب منه لعدم جدواه وموضوعيته وافتقاده المصداقية، وهو التوقيت الذي يستغله من يعمل ضد مصالح بلادنا، ويمارس الكذب والخداع والمظلومية.. ولكن الأمور أصبحت واضحة وجلية، وقد أصيب التقرير الأمريكي بمقتل بيد وزير خارجيته نفسه.

التقرير الأمريكي في العام الماضي ردت الخارجية البحرينية عليه بكل شجاعة وثبات وقالت: «انه تقرير يتحدث عن ادعاءات لا سند لها من القانون والواقع، ومعلومات مغلوطة، تعكس التجاهل لحجم ما تحقق على صعيد واقع تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مملكة البحرين، والماس بنزاهة القضاء البحريني العريق واستقلاليته، والزج بأسماء مدانين في قضايا جنائية تمت إدانتهم عن جرائم معاقب عليها قانونا وجرت محاكمتهم في إطار سلسلة من الإجراءات القانونية وكذلك توافر ضمانات المحاكمة العادلة بما في ذلك الحق في الدفاع واستقلال القضاء، مع توافر آليات وسبل الانتصاف القضائية وغيرها مثل الأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين ووحدة التحقيق الخاصة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان».

ونتصور أن التقرير الأمريكي الحالي لم يتغير عن السابق، ولكنه كشف بأنه تقرير لا يعتد به في حقوق الإنسان، ولكن في المصالح الأمريكية فقط لا غير.. كما صرح بذلك الوزير الأمريكي المسؤول عن التقرير ذاته.. وإذا عرف السبب بطل العجب.

malmahmeed7@gmail.com

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى