نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: مصر وتركيا.. نقاط المواجهة و فرص الحسم

تعتبر مصر وتركيا من الدول الكبرى في إقليم الشرق الأوسط والذي يضم أيضا السعودية وإيران كقوي نافذة و مؤثرة في أي صراع يقع داخل الشرق الأوسط.

وخلال السنوات الأخيرة اتضح أن كلا من مصر و تركيا يتواجهان علي أكثر من جبهة هي الوضع في سوريا والحرب في ليبيا والصراع علي الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، كما أن السياسة التركية تستهدف دائما تحجيم مصر داخل نطاق الدولة فقط حتى لا يكون لها تأثير داخل النطاق العربي و الإسلامي.

وقد تقاربت تركيا في بادئ الأمر مع كل من السعودية و الأمارات و قطر ضد سوريا بشار الأسد وكان لمصر رأي آخر هو أن سوريا الدولة يجب أن لا تتفتت أو أن ينتهي بها الحال إلي أن تخضع لحكم الإخوان وفي بداية الأمر كانت الغلبة علي الأرض لصالح التحالف التركي السعودي الإماراتي القطري ولكن الأمور تغيرت تماما بعد الدعم الروسي والإيراني لبشار الأسد.

وعادت السيطرة مرة أخري لبشار الأسد ورفاقه ضد العشرات من التنظيمات و الميلشيات العسكرية في سوريا وكل تنظيم أو ميليشيا عسكرية يتبع دولة خارج سوريا تموله و تسلحه و تورط الجيش التركي في سوريا حتى لا تقوم دولة كردية تضم مساحات أراضي من سوريا وتركيا والعراق وأيضا إيران ولكن بقيت مصر متابعة للحروب الدائرة في سوريا دون أن يتورط الجيش المصري في هذا المستنقع الحربي الذي ضم الجيش السوري والروسي و الإيراني ومليشيات الحشد الشيعي العراقي في جانب واحد وجانب آخر يضم تركيا ومعها ما يسمي جيش النصرة و تنظيمات أخري عسكرية ولم تكن أمريكا بعيدة عن المشهد فقد شاركت بقوات قتالية و تسليح للأكراد إلي جانب الغارات الجوية والصاروخية من العدو الإسرائيلي ضد الجيش السوري بقيادة بشار الأسد .

إلا أن السياسة التركية فقدت أهم حلفائها في سوريا وهي السعودية والأمارات بعد الخلاف العميق الذي حدث بين السعودية و الأمارات من جهة و بين قطر من جهة أخري فاختارت تركيا الوقوف بجانب قطر وبالطبع كانت مصر مع الجانب السعودي الإماراتي لأن قطر لا تخفي عداءها الشديد لمصر بعد ثورة ٣٠ يونيه التي أسقطت حكم الإخوان في مصر و الذي لم يستمر أكثر من سنة واحدة .

الجبهة الساخنة الأخرى هي الصراع في  ليبيا وهي الجبهة التي يتواجه فيها الطرفان المصري والتركي حيث تدعم تركيا جبهة الوفاق بقيادة السراج والأخوان عسكريا بالسلاح والتدريب والتي مازالت تدافع عن طرابلس في معركتها الأخيرة ضد قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر حيث استقرت الأمور لحفتر في بنغازي وسرت ودرنة وغيرها من المدن الليبية الهامة، وأصبحت معركة طرابلس هي الأخيرة للجبهة التي تدعمها تركيا، وأصبح إمدادات السلاح التركي تصل ميناء طرابلس إلي جانب الدعم الإعلامي الواسع لقناة الجزيرة القطرية لجبهة الوفاق والهجوم إعلاميا بشكل متواصل علي مصر والسعودية والأمارات.

ومن خلال المتابعة اليومية الحرب في ليبيا فمصر تعتبر انتصار حفتر والجيش الليبي هو انتصار لها ولسياساتها وهي لن تتحمل أبدا أن تكون حدودها الغربية الشاسعة مع ليبيا غير مؤمنة أو أن يديرها العدو اللدود لمصر تنظيم الإخوان المسلمون .

أما نقطة المواجهة الساخنة الثالثة فهي شرق البحر المتوسط حيث معارك الغاز الطبيعي التي كانت السبب الأكبر في زيادة التسليح البحري المصري و التي مازالت تشهد مواجهة عسكرية صامتة حتى الآن بين مصر وتركيا وسنتناولها في المقال القادم بإذن الله.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

زر الذهاب إلى الأعلى