نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: جروح عربية

لا تجد أمة تعاني من الجراح كما يعاني العرب لا فرق بين فقير أو غني الكل يعاني.. الأغنياء  الذين رزقهم الله بثروات طائلة وضعوها في البنوك الأمريكية والغربية لكي يستثمروها في بلادهم ظنا منه أنها هناك في مأمن فأصبحوا أسري للغرب بها، والفقراء قسموهم فرقا وطوائف فقد يكون التقسيم شيعة وسنة، وقد يكون عربا وأكرادا، رغم أنهم مسلمين سنة، وقد يقسموا إلي سنة وشيعة وأكراد  ودروز ومسيحيين، كما هو الحال في سوريا و العراق و لبنان .

الكل ضد الكل.. هكذا هو الحال الآن والتحالفات بين الدول تتغير سريعا فمن كنت معه بالأمس في خندق واحد غدا يصبح عدوك فمثلا كانت تركيا والسعودية والأمارات وقطر ضد بشار الأسد، ونظامه وجيشه وكان عنوان التحالف تحرير سوريا من نظام الأسد، وجيشه الطائفي العلوي، والآن تركيا وقطر وميلشيات جبهة النصرة وحدهم ضد الجيش السوري المدعوم بالجيش الروسي والإيراني، وضد السعودية والأمارات في كل المحافل الدولية، والجيش التركي يحتل أجزاء من سوريا العربية تصل لآلاف الكيلومترات وحاليا يصطدم الجيشان التركي والسوري في حرب مباشرة علي الأراضي السورية، كما يحتل الجيش التركي أيضا جزءا من الأراضي العراقية العربية وكلها تحت شعار الحرب ضد الأكراد الذي يعتبرها حربا ضد الإرهاب، وذلك حتى يمنع إعلان دولة كردية يدعمها الأمريكان حاليا بالعتاد والسلاح والتدريب والكيان الصهيوني الإسرائيلي يعمل للاستفادة من هذه الحرب المجنونة أكبر استفادة ممكنة، فأعلن ضم الجزء المحتل من هضبة الجولان السورية إلي الأبد وينشر المستوطنات لليهود لتثبيت هذا الاحتلال فيصبح الأمر الواقع هو ضياع الجولان.

وقد  أستباح الطيران الصهيوني الأجواء في سوريا الكثير من المرات ووقعت عدة اشتباكات مباشرة بين الجيشين السوري و الإسرائيلي، كما قام الطيران الإسرائيلي بضرب بغداد منذ عدة أيام بحجة أنه يستهدف مخزن أسلحة لميليشيات تابعة لإيران وهذه ليست أول مرة يصل الطيران فيها إلي قلب العراق و يضربها فقد دمر المفاعل النووي العراقي من قبل في الثمانينات من القرن الماضي  .

ولا يزال الوضع في ليبيا كما هو لقوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، لا تزال تواصل هجومها لتحرير العاصمة طرابلس من ميلشيات جبهة الوفاق التي جمعت الإرهابيين من شتي بقاع الدنيا لأن معركة طرابلس حاسمة فلا مكان لهم في ليبيا بعد سقوط طرابلس ويدعمهم بالسلاح والعتاد والخبراء، تركيا وقطر

وكل طرف من طرفي الصراع في ليبيا له دعم دولي فمصر والأمارات وفرنسا في جانب حفتر، وايطاليا ومعها تركيا وقطر في جانب جبهة الوفاق بقيادة السراج، ومازال حلم توحيد ليبيا يراوح مكانه وأخشي أن تصبح ليبيا النموذج الثاني بعد سوريا في صراع القوي الكبرى والإقليمية وتحولها إلي كانتونات تتصارع علي الأرض الليبية وتقسمها .

اليمن جرح عربي أخر ينزف من خمسة سنوات انقسمت فيه الشرعية إلي كتلتين فأصبح المجلس الانتقالي بقواته يتبع الأمارات في توجهاته، وظل عبدربه هادي بقواته تابعا للمملكة العربية السعودية، وكأن التحالف أصبح مقسوما علي نفسه وهو ما زاد من جرأة الحوثيين في هجماتهم علي المدن والمطارات السعودية في جيزان ونجران وأبها وجعلها تتحدث في بياناتها عن انتصارات لها علي قوات التحالف في محاولة لإضعاف معنويات قوات التحالف مع الإشارة إلي أن وجود القوات الأمريكية في الخليج العربي، لم يردع إيران أو يجعلها تتراجع عن سياساتها تجاه الدول التي تتدخل في شئونها سياسيا وعسكريا مثل العراق وسوريا واليمن بل واصلت إيران تهديداتها بأن منع بترولها سيتبعه منع بترول كل الدول المحيطة به أيضا من الخروج من الخليج العربي بل وهدد الدول العربية المطلة علي الخليج بالعطش لأن محطات تحلية المياه التي تغذيها بماء الشرب في الخليج العربي لن تعمل إذا نشبت الحرب هناك .

وهكذا أصبحت الجروح العربية تتوسع وتزداد ألما لكل أبناءها وتزداد خلافات القادة العرب وتدفع الشعوب الثمن من أمنها وأرضها وثرواتها .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى