نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: الصراع في الشرق الأوسط.. التحالف التركي القطري

طرأت علي خريطة  الشرق الأوسط الكثير من التغيرات السياسية شملت كل الدول العربية بلا استثناء، ومن هذه التغيرات وجود ما يعرف بالدور القطري في الصراع في الشرق الأوسط .

تبلغ مساحة قطر حوالي 11500 كيلومتر وعدد سكانها حوالي  2.5 مليون نسمه يشكل القطريين منهم حوالي 900 ألف مواطن و الباقي من العرقيات الهندية والباكستانية والإيرانية وغيرها من الجنسيات الأخري وتعتمد علي النفط والغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للدخل وهي لا تتمتع بأي اتصال بري بالعالم إلا عن طريق المملكة العربية السعودية.

ظلت علاقات قطر بدول الخليج العربي خالية من أية مشاكل أو نزاعات حتي بداية اتجاه حكام قطر للقيام بدور أكبر في الشرق الأوسط كله فكانت البداية من خلال أنشاء قناة الجزيرة الإعلامية في نوفمبر 1996 في بداية عهد حمد بن خليفة آل ثاني بعد انقلابه علي والده خليفة بن حمد آل ثاني في يونية 1995 ثم تولي الحكم ابنه تميم منذ عام 2013 و حتى الآن  .

وقد توفر لقناة الجزيرة أمكانيات مالية وخبرات بلا حدود و شاركت بريطانيا في هذه القنوات من خلال تدريب كوادر الجزيرة بإمدادها بخبرات قناة الـ BBC العالمية و تعددت تلك القنوات وتخصصاتها، ومن الواضح أن تجهيز هذه القنوات والانفاق الضخم عليها كان إعدادا لما ستقوم به من دور كبير ومؤثر علي الأحداث في الشرق الأوسط.

وكانت في بدايتها تتزعم دعم الحقوق العربية و مناصرة القضية الفلسطينية وتغطية الأحداث أولا بأول وعلي الهواء، كما فعلت في تغطيتها لضرب مركز التجارة العالمي بأمريكا عام 2001 وتغطية احتلال أمريكا للعراق 2003 والحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني 2006، مما اكسبها مصداقية كبيرة لدي المشاهد العربي و هو ما أعطي لقطر تلك الدولة الصغيرة قوة ناعمة تمثلت في اتجاه الملايين من كل الدول العربية لمشاهدة قناة الجزيرة بحثا عن حقيقة الأحداث علي شاشتها .

ثم  تحولت الجزيرة من مرحلة نقل الأحداث إلى مرحلة التدخل والتأثير في الأحداث بالفعل، بداية من بدء ثورة التوانسة علي حكم زين العابدين بن علي ثم ثورة 25 يناير ضد حكم حسني مبارك في مصر،  ومنذ هذا الوقت بدأت ملامح الدعم الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في كل ما مرت به مصر من أحداث وخلال ذلك أصطدمت بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولي الحكم بعد تنحي مبارك بسبب تبنيها مواد إعلامية أذاعتها بقصد التأثير علي العلاقة القوية التاريخية بين الجيش والشعب ثم دعمت جماعة الإخوان إعلاميا حتي تولي الدكتور محمد مرسي الحكم ممثلا للإخوان وأصبحت كل عناصر الحكم منهم من رئيس الجمهورية وأغلبية البرلمان وشكلوا الحكومة والمحافظون.

وزاد وضوحا التعاون و التنسيق بين قطر و جماعة الإخوان وبدأت  الاستثمارات القطرية في اللعب بـ الاقتصاد المصري و بدأ الخلاف بين قطر من ناحية و بين المملكة العربية السعودية والإمارات من جهة أخري بسبب التدخلات القطرية في مصر  وكان ذلك بداية خروج قطر عن الإجماع والتنسيق الدائم لمجلس التعاون الخليجي .

تطورت الأمور سريعا بثورة 30 يونية 2013 و التي تخلص الشعب المصري بها من حكم جماعة الإخوان، فأصبحت الجزيرة تعمل ليلا و نهارا علي الشكاوي من المصاعب الاقتصادية و تسليط الضوء عليها ودعم الحركات التكفيرية التي بدأت في القيام بعمليات إرهابية في كل ربوع مصر وخاصة شمال سيناء وتصوير الهجمات الإرهابية وكأنها فتوحات وانتصارات علي جيش مصر وتصوير قتل الجيش المصري للتكفيريين علي أنه قتل للمدنيين.

واستضافة كل الكوادر التي فرت خارج مصر علي شاشاتها لزعزعة العلاقة بين أجهزة الدولة والشعب المصري، وكان لتركيا دورا واضحا في هذا الاتجاه بفتحها أراضيها لكل القيادات والكوادر الإخوانية بل ودعمهم بقنوات فضائية علي نفس النهج الذي تقوم به قناة الجزيرة وعلي ذلك زاد وضوح التحالف الإستراتيجي بين قطر و تركيا ضد مصر ثم ضد المملكة العربية السعودية والإمارات، عندما بدأت الدولتين في اتخاذ الاحتياطات الأمنية في بلديهما ضد من ينتمون لجماعة الإخوان.

ومع بداية التوترات بين قطر و جيرانها وصلت القوات التركية بأقصى سرعة لقطر وأقامت قواعد عسكرية تركية لحماية نظام الحكم في قطر و هكذا أصبحت الحرب الإعلامية واضحة ومكثفة ضد الدول الثلاث والتي أنضمت إليهم البحرين بسبب محاولات قطر بث الفتنة بين السنة والشيعة فيها وتأليب العرقيات بالبحرين .

بجانب الدور الإعلامي يظل الدعم المالي القطري المستمر للاقتصاد التركي وخاصة في ظل التحركات العسكرية التركية في سوريا و ليبيا و صراعها ضد اليونان و قبرص في البحر الأبيض المتوسط وهو دعم سخي يقدر بعشرات المليارات من الدولارات، كما لا يفوتنا الدور الذي كانت تلعبه قطر في السودان مع نظام الحكم السابق بقيادة البشير لدعم موقف إثيوبيا ضد مصر في قضية سد النهضة إستغلالا للظروف الاقتصادية الصعبة للسودان بحيث تضعف من موقف مصر في تلك القضية التي تمس حياة مائة مليون مصري و هذا هو قمة الحقد والغل من حكام قطر علي الشعب المصري .

ولا يزال النظامان التركي و القطري يعملان معا لتفتيت الدول العربية خدمة لإسرائيل التي تحصد نتائج هذا التحالف الشيطاني مزيدا من الأمان فقد انتهت من الجيش العربي العراقي عن طريق الاحتلال الأمريكي للعراق وانتهت من الجيش العربي السوري بعدما تفتت سوريا و أصبحت محتلة فعليا من تركيا وروسيا وإيران وأمريكا والميلشيات الشيعية العراقية، أصبح كل جهدهم ضد مصر.. ولازال وسيظل بإذن الله الشعب المصري وجيشه العظيم هو العقبة التي تنكسر عندها كل هذه التحالفات التي جلبت الخراب علي الشعوب العربية .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
tF اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى