نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: السيناريوهات المحتملة لمستقبل الخليج العربي (2)

عند الحديث عن السيناريوهات المحتملة لمستقبل الخليج العربي في ظل الأوضاع الملتهبة لابد من الرجوع إلي المخططات الأمريكية و تاريخها الأليم في التعامل مع دول الخليج العربي ولا نغفل عن تصريحات هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي و مستشار الأمن القومي الأسبق بأن قرار زعيمي الخليج الراحلين الملك فيصل و الشيخ زايد رحمة الله عليهما بقطع البترول عن أوروبا وأمريكا أثناء حرب السادس من أكتوبر كان صفعة علي وجه أمريكا و تسبب في تحويل مجري الثروة من الغرب إلي الشرق و الآن ينفذ ترامب ما تريده أمريكا  برد الصفعة وجعل كل ثروات الخليج تحت يدها سواء كان ذلك في شكل صفقات سلاح أو مشروعات أو ودائع أو دفع للحماية كما صرح بها علنا في وسائل الإعلام .

كان للأمريكان دور كبير في إشعال الحرب العراقية الإيرانية والتي استمرت ثماني سنوات لا غالب فيها و لا مغلوب بل استنزاف دائم للثروة لكل دول الخليج و إيران و كان السلاح الأمريكي في يد كلا الجيشين العراقي و الإيراني وانخفض سعر برميل البترول إلي أقصي حد ثم عاد الأمريكان و نفذوا خطتهم و قضوا علي الجيش العراقي بعد أن تورط في احتلال دولة الكويت العربية الشقيقة و سهلوا لإيران التمدد وامتلاك زمام الأمر في العراق واحتلت القوات الأمريكية العراق  بأقل الخسائر و بتمويل خليجي عربي وكانت القوات العربية في مقدمة الدفاع عن الكويت وبالطبع لن يخرج الأمريكان إلا بعد انتهاء أخر برميل بترول فيها وواصلت إيران التمدد بعد ذلك وأصبح الطريق مفتوحا لها علي مصراعيه ليكون لها قوات موالية و تابعة لها في سوريا واليمن و لبنان تنتظر الأوامر من طهران مما أعطي لها ثقلا إقليميا لم تتمتع به إيران من قبل و هذا ما يجعل دولا كبري مثل الصين و روسيا تبحث عن مصالحها في هذه الأزمة الملتهبة و التي قد تتحول فعلا إلي حرب و هذه المصالح غالبا ستكون في الدفاع عن إيران لأن لهم مصالح اقتصادية ضخمة معها لن تتخلي عنها و إذا كان خيار الحرب هو الذي سيتم تنفيذه فستجد جسرا جويا و بريا للسلاح الروسي و الصيني لإيران فهم يعلمون أن كل دول الخليج العربي في أحضان الأمريكان ولا مصلحة لهم في الدفاع عن دول الخليج ضد إيران وبالتالي فسيكون ظهر إيران محمي بروسيا و الصين سواء كان ذلك علي أرض الواقع أو في مجلس الأمن أو المحافل الدولية .

لوحة الشطرنج متشابكة و معقدة جدا في هذه الأزمة والمخططات الأمريكية ليست علي المستوي الإقليمي فقط بل علي المستوي العالمي فالعملاق الصيني يتمدد اقتصاديا في العالم كله و حتما سيتبع هذا التمدد الاقتصادي تمددا عسكريا بالإضافة إلي الدور الروسي المتعاظم و الذي أصبح له الكلمة العليا في سوريا و له قواعد ثابتة لأول مرة علي البحر الأبيض المتوسط في سوريا إما عن أوروبا فهي إلي الآن خلف أمريكا مباشرة و لها مصالح اقتصادية ضخمة مع دول الخليج العربي لابد و أن تشارك في حمايتها.

الأيام القادمة أحداثها متسارعة و لا يعلم أحدا ما تحمله من مخططات أمريكية و إيرانية و أي من السيناريوهات سيتحقق و يتم تنفيذه و هل سيعود الدور الإيراني للانكماش كما يهدف الأخوة في الخليج العربي أم ستبدأ أمريكا الحرب و تتحول المنطقة بالكامل إلي منطقة حرب تمتد لتشمل دولا أخري … الله أعلم.

موضوعات ذات صلة:

محمود دشيشة يكتب: السيناريوهات المحتملة لمستقبل الخليج العربي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى