نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: الحقائق في الصراع حول النيل

تتزايد الضغوط والدعوات من كل أطياف المجتمع المصري على القيادة السياسية لاتخاذ قرار التخلص من كابوس سد الموت الإثيوبي الآن قبل الغد، خاصة مع بدء الملء الثاني للسد، والذي سيجعل حل التدخل العسكري مستحيلًا، وعندها سيصبح مصير مصر في يد آبي أحمد وعصابته وهم لا عهد لهم ولا أمان، ولا يجوز أن نثق بهم فقد أضعنا عشر سنوات من المفاوضات العبثية التي كانت نتائجها صفرًا كبيرًا، ولعل اتفاقية ٢٠١٥ أيضًا لم يشكل أي قيد عليهم ولم يتوقف بناء السد في أي لحظة ولم نحصد سوى رفضًا دائمًا لكل مقترحات مصر في كل جولات التفاوض حتى وصلنا إلى لحظة الحقيقة.

كل المؤشرات تقول أن مصر قد استنفذت كل الوسائل لتجنب استخدام الحل العسكري لحماية حقوقها في مياه نهر النيل، ولعل آخر تلك الحلول الدبلوماسية التفاوض لمدة عام كامل تحت مظلة الاتحاد الأفريقي بناءً على طلب مجلس الأمن ولم تتقدم تلك المفاوضات خطوة للإمام والتلويح باستخدام القوة من خلال ثلاث مناورات مشتركة مع السودان وكان آخرها مناورة حماة النيل والتي شملت كل أنواع الأسلحة وكل فروع القوات المسلحة للدولتين، وتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأن المساس بأمن مصر المائي خط أحمر وأن مصر قادرة علي حماية حقوقها وأخيرًا تقديم طلب لمجلس الأمن لعقد جلسة للنظر في التهديد الخطير الذي تتعرض له مصر والسودان؛ بسبب بدء إثيوبيا الملء الثاني للسد بدون أي تعاون مع الدولتين لتفادي الأضرار الجسيمة التي ستقع عليهما بسبب البدء في هذا الملء. ومن الواضح لكل المراقبين أن مجلس الأمن لن يقدم جديدًا في هذا الشأن. ولعل تصريحات مندوب فرنسا الدائم في الأمم المتحدة بأن هذا الموضوع يخص مصر والسودان وإثيوبيا. وأننا سندعوهم للعودة للمفاوضات. وأن مجلس الأمن ليس لديه الخبرة الكافية لتقسيم حصص مياه النيل يؤكد أن هذا الإجراء لن يقدم أي حلول. كما أن موقف الصين وروسيا غامضين ويبدو واضحًا أنهما لن يدعما موقفنا نحن والسودان.

لعلنا لا ننسى أن مصر قد عاشت الأجواء نفسها منذ وقوع نكسة الخامس من يونيو وبداية حرب الاستنزاف واتفاق أمريكا والاتحاد السوفيتي في هذه الفترة على استمرار حالة اللاحرب واللاسلم. وبث روح الاستسلام بين المصريين وأنه من المستحيل أن تحرر مصر سيناء مرة أخرى. ثم أتخذ الرئيس الراحل محمد أنور السادات القرار بتحطيم خط بارليف وعبور قناة السويس. وحققت مصر نصرًا غير وجه الاقتصاد العالمي، وأجبر العالم كله على السعي لعقد اتفاق سلام بين مصر والكيان الصهيوني. وترتب على انتصار أكتوبر عودة كل تراب سيناء والآن الجيش المصري العظيم فوق كل شبر منها يحميها ويدافع عنها وينتصر فيها على الإرهاب. وهو ما يدعونا إلى الثقة أن القيادة السياسية. وكل أجهزة الدولة المنخرطة في العمل في هذا الملف لديهم كافة المعلومات المتعلقة بالملف. وأنهم يعلمون أن خطوة مجلس الأمن لن تكون الحاسمة. وأن الوضع الدولي لم ولن يشكل ضغطًا على سفاح إثيوبيا وأن مصر لديها من القوة و الخبرة العسكرية والمخابراتية والدبلوماسية والقانونية ما يكفي للحفاظ علي حقها في مياه النيل الذي هو شريان الحياة فيها وأن تفكك الدولة الهشة المسماة إثيوبيا قد بدأ وأن جيشها الضعيف قد لقى هزيمة مذلة هو وحليفه الأريترى علي يد جيش إقليم التيجراي ورغم الكم الهائل من الأكاذيب الإثيوبية عن سيطرتها علي الأمور والتي تملأ بها سماء وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن ساعة الحقيقة قد وصلت و ستملأ أثيوبيا العالم كله بصراخها بعد ساعة واحدة من دوران آلة القوة العسكرية المصرية وأنا أثق أن الشعب المصري كله بكل فئاته ومختلف ثقافاته ينتظر تلك اللحظة و علي أتم الاستعداد لدفع الثمن مهما كان للحفاظ علي جريان نهر النيل.

أن قدر الشعب المصري أن يواجه دائمًا على مدار تاريخه من يحاول السيطرة على نهر النيل أو العبث بأمنه ولعل ما تقوم به إثيوبيا ليس المحاولة الأولي و لو عدنا إلى اتفاقية ١٩٠٢ سنجد أن إقليم بني شنقول الذي بني عليه السد هو أرض سودانية حصلت عليها إثيوبيا مقابل التعهد بعدم بناء أي سدود على مجرى نهر النيل واليوم تخرج علينا العصابة الحاكمة لإثيوبيا بأن كل تلك المعاهدات والاتفاقيات استعمارية رغم أن إثيوبيا لم تكن محتلة في هذا الوقت أصلا. كما أنها تعتمد الاتفاقية نفسها في ترسيم الحدود بينها و بين الدول الأفريقية الأخرى المجاورة لها. ولكنها تتبع نفس سياسات الكيان الصهيوني. وتتوسع عندما تظن أنها قادرة على التوسع. وتلقي كل القوانين الدولية والاتفاقيات على الأرض. وهو ما يؤكد لنا أن القوة تحمي الحقوق. وأن المجتمع الدولي لن يعطيك حقك لمجرد أنك صاحب الحق. ولكن لابد أن تكون لديك القوة الكافية لحماية حقوقك. وهو ما تقوم به قواتنا المسلحة العظيمة في كل مرة كانت مصر تحتاج فيها القوة لحماية حقوقها.

الحروب لها رجالها ولها ترتيبات لا نعلم كثيرًا منها. ولها تفاصيل دقيقة وكثيرة وخاصة لو كانت العمليات العسكرية خارج حدود الدولة. ولها ساعة الصفر التي تتم بناءً على دراسات مستفيضة. ولعل لنا في تحديد ساعة الصفر في بداية حرب أكتوبر الكثير من الدروس التي تعلمنا منها. كما أن جيشنا الآن وخلال السنوات الأخيرة أصلح لديه أفضل وأحدث أنواع الأسلحة جوًا وبرًا وبحرًا وقواته على أعلى درجة من التدريب والجاهزية. للدفاع عن حقوق مصر وكلنا من الآن جنود مصر.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى