
محمد يوسف يكتب: وفروا مصاريفكم
ما دام صيفنا مثل صيفهم، لماذا نحمل أنفسنا عناء الذهاب إلى بلاد لا نعرفها، ولا نعرف طباع أهلها، ونهدر أموالنا دون أن نستمتع بجمال الطبيعة والأجواء المنعشة؟!
هذه التساؤلات أصبحت ملحة، فهي صوت ضميرنا الذي أنبنا كثيراً بعد ما عانيناه من التغير المناخي الأوروبي، والذي أفقد تلك البلاد ما كانت تمتاز به، الطقس، الهواء العليل، والأمطار الملطفة، والتجول في الأسواق القديمة وعلى ضفاف الأنهار وفي الحدائق، فقد اختفى كل ذلك تحت درجة حرارة تفوقت على حرارتنا، رغم أنها لا تتجاوز 36 درجة مئوية، ولكن الشمس قريبة وكأنها تتحدث إلينا، وعاد كل من اختار السياحة في أوروبا هذا العام إلى أسلوب حياته في بلاده، من المسكن المكيف، إلى السيارة المكيفة، إلى المركز التجاري المكيف أيضاً، ولا يرى معالم المدن التي سمع بها إلا من خلف الزجاج!
وما دام الأمر كذلك، الأفضل أن تكون سياحتنا في أرضنا، فنحن نملك مراكز تجارية لا تحلم بها أوروبا مجتمعة، ولدينا فنادق ومنتجعات وشواطئ لا يقارن بها ما لديهم من فنادق خمس نجوم، مكيفاتها تضخ هواء ساخناً توفيراً للطاقة، وقد يتكرمون على النزلاء بمراوح، وكأننا في سبعينيات القرن الماضي، بخلاف شوارعهم الضيقة، ومطاراتهم التي يتكدس خلف نوافذ الجوازات المئات، ويحتاج الزائر أو السائح إلى ساعتين على أقل تقدير حتى يخرج بأمتعته، وهنا لا يحتاج القادم أو المسافر إلى بضع دقائق في الجوازات، ولا يصل إلى موقع الحقائب حتى يجدها أمامه.
أعتقد بأن أغلب الذين «شربوا المقلب» هذا الصيف سيعيدون التفكير في رحلات الصيف في المواسم القادمة، ولن يكرروا التجربة، وخاصة العائلات التي عانت مع أطفالها، وسيكون البديل لهم التجوال داخل البلاد، وفي النهاية لن يدفعوا لشهر كامل في الفنادق المحلية وأسواق مدننا المتنوعة قيمة تذاكر السفر والتنقلات هناك، ويمكن لمؤسسات السياحة من دوائر وهيئات وإدارات الفنادق أن تستقطب من سيقضون الصيف في البلاد، من خلال التركيز على السياحة الداخلية، ونترك أوروبا إلى موسم الثلوج والبرودة والأمطار إذا لم يحبسها التغير المناخي!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية