- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

محمد يوسف يكتب: مأزق جيبوتي

خالفت حكومة جيبوتي كل القوانين الطبيعية، وارتكبت خرقاً للاتفاقات الدولية، ولم تفكر في تبعات تصرفاتها بعد أن استولت على محطة الحاويات في ميناء «دوراليه» المملوكة لموانئ دبي العالمية.

أخبار ذات صلة

تلك المحطة لمن لا يعرف التفاصيل لم تكن في أساسها منطلقاً ربحياً لموانئ دبي، فهذه الشركة العالمية لديها فرص استثمار مفتوحة حول العالم، وفي دول تمتلك بنى تحتية وطرق مواصلات، ولها علاقات تجارية متنوعة تحقق استخداماً سريعاً لمحطاتها البحرية.

أما جيبوتي قبل موانئ دبي ومحطة حاويات «دوراليه» فقد كانت تمتلك ما يسمى بالميناء، ولا شيء غيره، وعندما اتخذ قرار بناء تلك المحطة لم يكن للحاويات مكان في ذلك الميناء، فاستثمرت الأموال في بنية تحتية توفر فرصة لوصول السفن العملاقة، وفتحت مجالات لليد العاملة الجيبوتية، واستوردت المعدات ومدت الطرق، ليس داخل الميناء أو المحطة فقط، بل إلى الخارج.

وكانت أعمال «موانئ دبي العالمية» محل تقدير الرؤساء والحكومات عند التأسيس وبعد التشغيل، وكانت المحطة عاملاً لانتعاش الاقتصاد في جيبوتي، ووصلت مساهمة محطة «دوراليه» إلى 12% من الناتج المحلي.

تلك تفاصيل عامة للمحطة وتأثيرها الإيجابي على الدولة العربية التي كانت شبه منسية قبل أن تصل إليها شركتنا الوطنية. ونحن على يقين بأن موانئ دبي العالمي لم تسترد ما قدمته هناك، ولكنها كسبت محبة واحترام أهل جيبوتي وقادتها، حتى تغيرت الحكومة وتدخلت أطراف معروفة، وتلاعبت بعقول بعض المسؤولين الذين اعتقدوا أن الالتزامات الدولية يمكن أن تسقط باقتحام عسكري لمحطة في ميناء مدني، وأن وعود «عصابة إخوان قطر» يمكن أن تكون بديلة في دعم الاقتصاد أو مساندة المسؤولين، وكلنا نعرف كيف تساند قطر المسؤولين في بعض الدول.

جيبوتي خسرت محطة الحاويات ولم ينفعها الاستيلاء القسري عليها، وحكم محكمة لندن للتحكيم الدولي أغلق الباب على استخدام المحطة وإدارتها من أي طرف غير المالك الأصيل لها، وبعدم قانونية استيلاء حكومة جيبوتي عليها، وهو قرار ملزم لتلك الحكومة ولكافة الأطراف المعنية، ولا قيمة لادعائها بتعارض المصالح الأساسية بجمهورية جيبوتي مع اتفاقية امتياز المحطة.

والغريب أن ممثلي الجانب الجيبوتي زودوا المحكمة بدليل عن دور محطة حاويات ميناء «دوراليه» في تحقيق نجاح كبير ودعم لاقتصاد بلادهم، وبعد الحكم أصبح كل شيء واضحاً، فالقضية ليست خلافاً فنياً، بل لعبة سياسية تدخلت فيها الأيادي القذرة ووضعت جيبوتي في مأزق دولي.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى