في الساحل الغربي لليمن، وعلى أبواب الحديدة، تكتب السطور الأخيرة للفصل الأخير من مأساة الجنوب العربي.
الإرادة هي التي تنتصر، هي التي مزقت الميليشيات المخدوعة بأوهام الإيرانيين، هي التي تحمل لواء الحق في وجه الباطل، وما أجمل تلك المشاهد للرجال وهم يعبرون نحو المجد سيراً على الأقدام، ثقتهم بأنفسهم لا حدود لها، فهم يحملون في داخلهم رسالة وقضية.
منذ سبتمبر 2014 قلنا إن اليمن لن يكون تابعاً لإيران، وكان ذلك الشهر هو شهر السيطرة الحوثية على صنعاء، وكان شهر الخذلان من «فئران الزنداني» الذين اندسوا في الجحور، وهو شهر انكشاف الفلاسفة الذين لعبت المنبهات بعقولهم، وعندما احتاج إليهم وطنهم هربوا.
الحوثي يعيش لحظاته الأخيرة، انهار جيشه وانهارت معنوياته، وما عاد أمامه غير طريق واحد، أن يعلن الاستسلام، ويحفظ ما بقي لديه من ماء الوجه، ويعود أدراجه إلى صعدة إن وجد فيها مكاناً وقبل به أهلها، استسلام غير مشروط، بل هو خاضع للشروط، وهي نفسها المعلنة منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم، إلقاء السلاح والخروج من كل المدن التي احتلها، والعودة إلى مناطقهم، وعودة الشرعية إلى صنعاء، وغير ذلك يعني الهلاك، فالحرب والإصرار عليها تحصد أرواح الشباب، أولئك الذين استخدموا وقوداً للفتنة والشقاق، حتى يتفاخر بهم «نصر الله» التابع لإيران، ذلك الذي يقول إن موقفه من حرب اليمن أعظم إنجازاته طوال حياته، وأنه أعظم حتى من مواجهة إسرائيل، على الرغم من الشعارات التي يرددونها وينشرونها في كل اليمن، «الموت لإسرائيل» التي لم تعد عدوة لحزب الشيطان اللبناني، ويبدو أن شباب الحوثي اكتشفوا متأخرين أنهم مجرد وسيلة تستخدم لمصالح الآخرين، لهذا بدأت موجة الفرار من ساحات المعارك، مخلفين أسلحتهم وأوهام قادتهم وراءهم.
ما عادت الحديدة في يد الحوثي، فالكيلو مترات القليلة التي تفصل قوات التحالف والشرعية عنها لا تمثل عائقاً، فهي في متناول اليد، والحذر الذي نراه اليوم سببه المدنيون من أهل المدينة، فالحفاظ على أرواحهم أولوية لدى الذين يحملون لواء الحق، وهذا هو الفرق ما بين الغزاة والمحررين، فالمقاومة الشعبية وقوات التحالف هبت لنجدة الناس وتحريرهم من الخونة المأجورين، وقريباً تعود الحديدة إلى حضن أهلها وينتهي الوهم الإيراني في اليمن.