
محمد عبد المجيد هندي يكتب: مصر وملحمة إعادة إعمار غزة
لقد اعتادت غزة أن تكون هدفًا للعدوان، تتعرض بين الحين والآخر لسلسلة من المجازر والدمار الممنهج، وكأن العدو الصهيوني يصر على تحويلها إلى أنقاض تحت سماء العالم الصامت.
ولكن، ورغم كل ما مرت به من نكبات، تبقى غزة حيّة في قلب الأمة، تنتظر لحظة الخلاص الحقيقي، ليس بالكلمات، بل بالأفعال.
وهنا، حينما نتحدث عن إعادة الإعمار، فإن الحديث ليس مجرد شعار سياسي أو مبادرة إعلامية، بل هو واجب مقدس ومسؤولية قومية تقع على عاتق الجميع، والأهم من ذلك، هو حقيقة يمكن تحقيقها في زمن قياسي إن تولت مصر، بقوتها الهندسية وقدراتها الاقتصادية، قيادة هذا المشروع العملاق.
اليوم، وبينما يجتمع العالم لعقد المؤتمرات وإطلاق الوعود الفارغة حول إعادة إعمار غزة، هناك دولة واحدة فقط تستطيع أن تحول هذه الوعود إلى واقع ملموس، دولة تملك سجلًا مشرفًا في تحقيق المعجزات التنموية، دولة لم تبنِ نفسها فقط، بل مدت يدها لإعمار دول أخرى.. إنها مصر.
لماذا مصر وحدها قادرة على إعادة إعمار غزة خلال ثلاث سنوات؟
من يقرأ تاريخ المشاريع العملاقة في العالم، سيجد أن مصر ليست مجرد دولة نامية تحاول إثبات قدرتها، بل هي دولة نفذت مشروعات ضخمة في وقت قياسي، فاجأت بها العالم بأسره.
هل هناك من لا يذكر أن قناة السويس الجديدة، التي ظن الخبراء أنها تحتاج لعشر سنوات، تم تنفيذها في عام واحد؟ وهل يمكن لأحد أن ينكر أن العاصمة الإدارية الجديدة تحولت من مجرد فكرة إلى مدينة متكاملة في أقل من ست سنوات؟ وهل يمكن تجاهل الطفرة غير المسبوقة في مشروعات الطرق والكباري والتنمية العمرانية؟
هذه ليست مجاملات، بل حقائق موثقة بالأرقام، تؤكد أن مصر تمتلك القدرة الكاملة على تنفيذ إعادة إعمار غزة، لا في عشر سنوات كما يتحدث البعض، بل في ثلاث سنوات فقط، وفق خطة متكاملة تعتمد على السرعة، الكفاءة، والإبداع الهندسي.
ركائز الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة في ثلاث سنوات
المرحلة الأولى: إزالة الركام وتأهيل البنية التحتية (6 شهور)
دخول المعدات الثقيلة فورًا لإزالة الركام، وفتح الطرق الرئيسية المغلقة تحت الأنقاض.
إعادة تشغيل شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي لضمان عودة الحياة إلى المناطق المنكوبة.
إنشاء مساكن مؤقتة للأسر المشردة، لضمان حياة كريمة لحين انتهاء عمليات البناء.
تأمين القطاع من الكوارث الصحية والبيئية عبر فرق طبية متخصصة ومنظمات إغاثية تعمل تحت إشراف مصري مباشر.
المرحلة الثانية: البناء السكني والمرافق الخدمية (عام ونصف)
بناء مدن سكنية حديثة تستوعب جميع المتضررين، وفق تخطيط عمراني متطور يراعي الاستدامة والكثافة السكانية.
تشييد مستشفيات ومراكز صحية وفق المعايير العالمية، وتوفير المعدات الطبية اللازمة لعلاج الجرحى والمصابين.
إعادة بناء المدارس والجامعات، لتضمن استمرار التعليم لأبناء غزة دون انقطاع.
إنشاء شبكة طرق حديثة، تربط بين جميع المناطق السكنية والتجارية داخل القطاع، مما يسهل حركة المواطنين والاقتصاد.
المرحلة الثالثة: التنمية الاقتصادية والاجتماعية (عام واحد)
إطلاق مشروعات صناعية صغيرة، تضمن تشغيل أكبر عدد ممكن من العمالة المحلية وتساهم في تعزيز الاقتصاد الداخلي.
تطوير قطاع الصيد والزراعة، لتأمين الغذاء محليًا وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية.
إعادة تأهيل ميناء غزة، ليكون بوابة رئيسية للتجارة والاستيراد والتصدير.
إنشاء منطقة تجارية حرة، تساهم في دمج الاقتصاد الغزي مع الأسواق الإقليمية والدولية.
لماذا يجب أن يقود المصريون عملية الإعمار؟
خبرة غير مسبوقة في تنفيذ المشروعات الكبرى: مصر لديها سجل طويل في بناء المدن من الصفر، كما فعلت مع العاصمة الإدارية الجديدة، و العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة وغيرها.
هذه الخبرة تجعلها الدولة الوحيدة القادرة على التعامل مع دمار غزة بطريقة احترافية وسريعة.
كوادر فنية وهندسية على أعلى مستوى:
تمتلك مصر جيشًا من المهندسين والعمال المهرة الذين يمكنهم تنفيذ عمليات البناء في ظروف صعبة وبأعلى درجات الدقة.
شركات المقاولات المصرية أثبتت كفاءتها داخل مصر وخارجها، ولها خبرات واسعة في العمل بالبيئات الصعبة.
قدرة على توفير المواد الخام بأسعار تنافسية:
مصر لديها صناعة قوية في مجال مواد البناء، مما يمكنها من توفير الأسمنت، الحديد، الزجاج، والكابلات الكهربائية بسرعة، ودون الحاجة لاستيرادها من الخارج.
وجود أسطول نقل قوي يضمن توصيل المعدات ومواد البناء إلى غزة بكفاءة وسرعة.
إرادة سياسية وشعبية لا تلين:
مصر لم ولن تتخلى عن فلسطين، وستبقى الداعم الأول لقضيتها، ليس فقط بالكلام، بل بالفعل والعمل والتضحية.
الإرادة السياسية المصرية تدرك أن إعمار غزة ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل قضية أمن قومي عربي يجب حسمها بأسرع وقت ممكن.
رسالتنا للعالم: أعطوا مصر هذه المهمة وستشاهدون غزة جديدة خلال ثلاث سنوات فقط!
كفى كلامًا، كفى مؤتمرات، كفى انتظارًا.. الشعب الفلسطيني يحتاج أفعالًا لا أقوالًا.
إذا كان العالم جادًا في إعادة إعمار غزة، فليترك مصر تتولى هذه المهمة، وليقدم لها المجتمع الدولي الدعم المالي المطلوب، لأن أي تأخير يعني مزيدًا من المعاناة، ومزيدًا من الفرص الضائعة.
مصر تستطيع… لكن هل العالم مستعد لدعم الحقيقة أم أنه سيستمر في بيع الأوهام؟
قيادي عمالي مستقل
مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا