محمد خليفة يكتب: كفاكم حرباً علي مصر ولتسكٌت العقول الجاهلة
لم أري غلاً ولا حقداً تعرّض له رئيس دولة بهذه الصورة المزرية إلاّ في مصر ، فكفاكم حرباً ولتسكت الأفواه الجاهلة ، فمشروع توسعة شريان قناة السويس الذي نفّذته القيادة السياسية مؤخراً وطالتٌه أفواه البعض«باللت والعجن» أصبح من أهم المشروعات التنموية في منطقة الشرق الأوسط بعد أن أصبح طريق الحرير الجديد ممراً بحرياً في هذا الشريان.
طريق الحرير حملت مبادرته اسم «حزام واحد ،طريق واحد» بات علي بعد خطوات من مصر، إذاً فلتسكٌت الأصوات الكارهة للمصريين خاصة الفقراء والبسطاء منهم، فقد جاءت مشاركة، الرئيس عبدالفتاح السيسي في قِمة مٌنتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي بالعاصمة الصينية «بكين» كرسالة لأهل الشر والمتسكّعين علي صفحات التواصل الاجتماعي، جاءت الرسالة كعلامة فاصلة في تاريخ الاقتصاد المصري، أمام رؤساء دول وحكومات من أربعين دولة وخمس آلاف شخصية عامة، فالطريق أمام مصر مفروش بالحرير، ومن المنتظر أن نري مشروعاته بالمنطقة «اللوجستية» التي تتم تنفيذها علي قدم وساق حالياً.
فالحزام سيربط مصر بطرق تجارية جديدة عبر مرور السفن العملاقة من خلال الشريان المائي الجديد بقناة السويس، فطريق الحرير البحري يبدأ من فوجو في الصين ويمر عبر فيتنام متجهاً إلي إندونيسيا ودولة بنجلاديش والهند وسيريلانكا وجزر المالديف وشرق أفريقيا على طول الساحل الأفريقي متجها إلى البحر الأحمر مارا عبر قناة السويس بخلاف السفن العابرة إلى البحر المتوسط والمتجهة نحو أوروبا حتى تصل إلى الساحل الصينى.. وهذا يجعلنا نقول للكارهين للخير من أهل الشر كفاكم حقداً وكراهية لمصر والمصريين.
فيا من كنتم تهاجمون مشروع توسعة قناة السويس عقب الإعلان عن إنشاء شريان مائي جديد، لا تنسوا الرسالة التي أرسلها الشعب إلي دول العالم حين توافد ملايين المصريين إلي البنوك لشراء شهادت قناة السويس والتي لبي فيها الشعب النداء وأودع مليارات الجنيهات في البنوك من أجل تنفيذ هذا المشروع، اليوم نقول لكم ضعوا ألسنتكم في أفواهكِم وتواروا خجلاً خلف الحوائط، فقد نجح الشريان في ضخ الدماء في مدن القناة، فهناك آلاف فرص العمل للشباب في انتظارهم، وفي انتظار الحزام الواحد الذي يربط الطريق الواحد، بالتعاون مع الصين ذلك العملاق الذي يهدد الاقتصاد الأمريكي وهو أكبر قوة اقتصادية في العالم، وتعالوا معي نٌبحر سطحاُ مع حكاية طريق الحرير عبر الموسوعة الحرة المعروفة «ويكيبيديا»، هذا المشروع الذي جاء ببشرة خير لمصر، فالطريق هو مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن وتمرّ عبر جنوب آسيا وكان تأثيرها يمتد حتى كوريا واليابان، وأخذ مصطلح طريق الحرير من الألمانية «زايدنشتراسه» حيث أطلقه عليه عالم الجغرافيا « فرديناند فون ريتشهوفن» في القرن التاسع عشر، وكان لطريق الحرير تأثيراً اقتصاديا علي دول العراق والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا، وكان الصينيون قد اكتشفوا صناعة الحرير حوالي سنة 3000 قبل الميلاد، وعرفوا في هذا الوقت المبكر فنوناً مبهرة لإتقان صنعته وتطريزه.
وقد أذهلت هذه الصناعة الناس قديماً، فسعوا لاقتناء الحرير بشتى السبل، حتى أنهم كانوا يحصلون عليه مقابل وزنه بالأحجار الكريمة، وقبل خمسة آلاف سنة، بدأ الحرير يأخذ طريقه من الصين إلى أرجاء العالم. ليس الحرير وحده بالطبع، وإنما تسّربت معه بضائع كثيرة، ما لبث انتقالها من الصين وأقاصي آسيا إلى أواسطها وشمال أفريقيا ووسط أوروبا، وقد اتخذ الطريق مسارات محددة، عرفت منذ الزمن القديم باسم طريق الحرير.
في واقع الأمر، فإن طريق الحرير لم يكن طريقاً واحداً، وإنما شبكة من الطرق الفرعية التي تصب في طرق أكبر أو بالأحرى في طريقين كبيرين، أحدهما شمالي (صيفي) والآخر شتوي كانوا يسلكونه في زمن الشتاء، والذي يجمع بين هذه الطرق والمسارات جميعاً هو أنها مسالك للقوافل المتجهة من الشرق إلى جهة الغرب، لتمر في طريقها ببلدان ما لبثت أن ازدهرت مع ازدهار هذا الطريق التجاري الأكثر شهرة في العالم القديم، وقد انتظمت مسارات طريق الحرير منذ القرن الخامس قبل الميلاد، وظلت منتظمةً لألف وخمسمائة سنة تالية، كان الطريق خلالها معبراً ثقافياً واجتماعياً ذا أثر عميق في المناطق التي يمر بها، لم يتوقف شأن طريق الحرير على كونه سبيل تجارة بين الأمم والشعوب القديمة، وإنما تجاوز (الاقتصاد العالمي) إلى آفاق إنسانية أخرى، فانتقلت عبره الديانات فعرف العالم البوذية وعرفت آسيا الإسلام وانتقل عبره البارود فعرفت الأمم الحروب المحتدمة المدمرة، وانتقل عبره الورق فحدثت طفرة كبرى في تراث الإنسانية مع النشاط التدويني الواسع الذي سَهَّل الورقُ أمره، وانتقلت عبره أنماط من (النظم الاجتماعية) التي لولاه كانت ستظل مدفونة في حواضر وسط آسيا، غير أن النشاط الاقتصادي، ظل دوماً هو العاملُ الأهم، الأظهر أثراً. ويكفى لبيان أثره وأهميته، أن طريق الحرير أدَّى إلى تراكم المخزون العالمي من الذهب في الصين، حتى أنه بحلول القرن العاشر الميلادي، صارت الصين وحدها، تمتلك من مخزون الذهب قدراً أكبر مما تمتلكه الدول الأوروبية مجتمعة. ومن اليابسة إلى البحر.
انتقل الاقتصاد العالمي نقلةً كبيرة مع اكتشاف التجار أن المسارات البحرية أكثر أمناً من الطرق البرية. وقد تزامن ذلك مع اشتعال الحروب المغولية – الإسلامية بقلب آسيا. وشيئاً فشيئاً، اندثرت معالم طريق الحرير وصارت البضائع والثقافات الإنسانية تنتقل في مسارات بحرية منتظمة، تتجه عبر المحيط الهندي من حران آسيا الجنوبية، إلى شمال أفريقيا مروراً بالبحر الأحمر، لتستلم القوافلُ البرية البضائع من آخر نقطة في خليج السويس، لتنقلها إلى المراكب الراسية في ثغر دمياط وما حوله من موانئ، وفي هذا الزمان، كان الحكام من مماليك مصر يتقاضون رسوماً عالية مقابل هذه (الوصلة) حتى أنهم كانوا مثلاً يحصِّلون على الفلفل الأسود وزنه ذهباً. وازدهرت مصر المملوكية حيناً من الدهر، حتى اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح، فصارت السفن تحفُّ جنوب آسيا، لتمر بحواف أفريقيا، فترسو على موانئ شبه جزيرة أيبيريا. فازدهرت البرتغال وإسبانيا، وانطفأت مصر أواخر عصرها المملوكي وخلال عصرها العثماني. ولما افتتحت قناة السويس، واتصل المسارُ البحري الآتي من آسيا إلى أوروبا، وتغيَّر الحال، وانتظمت التجارة واستولدت قناةُ السويس مدناً مصرية من الصحراء فكانت السويس والإسماعيلية وبورسعيد.