نون والقلم

محمد خليفة يكتب: فشلت القمة العربية قبل أن تبدأ!!

ليس ما أكتبه تشاؤماً ،رغم أنّ معناه النظرة إلي الأمور من الوجهة السّيّئة ،والاعتقاد أنّ كل شيء يسير علي غير ما يٌرام ، فمن خلال نتائج مؤتمرات القمم العربية السابقة لم نري إلاّ شعارات  الشجب والاستنكار  ضد دولة الاحتلال التي تسيطر وتصول وتجول في بعض الدول العربية التي تعاني من ويلات الصراعات الداخلية علي مقاعد الحكم تارة ، وعلي غنائم «البترول» تارة أخري.

وللأسف فإنّ قرارات أي قمّة عربية سبقت أو ستأتي ستكون  فارغة من المضمون، ولن نري إلاّ صورة متكررة لما حدث في الماضي من تطاير  أطباق «الصيني»   في وجوه بعض قادة الدول العربية  أو ما ينوب عنهم خلال مناقشتهم حال الأٌمّة العربية، بالإضافة إلي الشتائم والاتهامات بالخيانة للبعض حتى تسكن هذه الطاَمّةٌ  مرمي كل مسؤول  ..هكذا هو حال مؤتمرات القمم العربية علي مدار عقود هاجرت التاريخ ،وتركت ما جري فيها مجرد سطور في تاريخ هذه القمم الورقية !!

هناك كوارث لحقت ببعض الدول سواء في فلسطين الدولة التي أصبحت ساحة للخلافات بين حركتين  سياسيتين كل هدفهما الاستفادة من المنح الدولارية التي تأتي إليهما من بعض الدول العربية في الخليج العربي خوفاُ من غضب الحركتان علي أنظمة بعض الدول المانحة، عن طريق تنفيذ عمليات إرهابية علي أراضي الدول حال  توقفها  عن المساعدات التي تصل إلي  ملايين الدولارات إلي هاتين الحركتين التي تم تصنيف أحدهما وهي حركة حماس ضمن الحركات الإرهابية ،وسيظل الأمر علي ما هو عليه ، فهناك دولتين داخل دولة واحده هي فلسطين الجريحة بفعل فاعل من أبناءها ،فغزة تحكمها حركة حماس ، والقدس تحكمها حركة فتح ، والصراع بينهما مستمراً ،ولن يتفق أي طرف منهما علي لَم الشمل لتقوية الموقف الفلسطيني التفاوضي، فمن مصلحة إسرائيل أن يظل الوضع علي ما هو عليه، ومن مصلحة حركتي حماس وفتح أيضاً استمرار نفس الوضع، والخطير في الأمر أنّ الجامعة العربية لم تنجح في رأب الصدع أو حل الخلافات داخل البيت الواحد، وكأنّ هذا البيت بدون وليِّ أمر والذي ترك البيت تفوح منه رائحة «نتانة» الخلافات علي الدجاجة  التي  تبيض ذهباً، ولم نري يوماً دوراً إيجابياً لأي قمة عربية سبقت هذه القمة التي ستعقد غداً الأحد في تونس الشقيقة في دورتها الثلاثين .

ومن المقرر أن يتضمن جدول أعمال  القمة قضية الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل علي هضبة الجولان المحتلة والتي لن تستطيع بعض الدول العربية التي لها مصالح مع إسرائيل وأمريكا التصويت لرفض القرار الأمريكي اللهم إلاّ عن طريق الشجب والاستنكار كما حدث منذ صدور القرار الأمريكي  ..

وتذهب فصول مسرحية القمّة العربية إلي المشهد الثاني وهو مناقشة حالة التوتر الدائر بين حركتي حماس وفتح وقيام العدو الإسرائيلي بضرب غزة بصواريخ في أماكن تم الاتفاق علي ضربها بين الحركة الإرهابية  حماس والعدو الإسرائيلي  حتى تتم فصول المسرحية السياسية التي تتكرر كل فترة بعد إطلاق حماس صواريخ ورقية علي مواقع إسرائيلية  بعينها تحت شعار « الشيء لزوم الشيء» علي رأي الفنان الكوميدي نجيب الريحاني ..

أما ما يتعلق بما يجري علي الأراضي الليبية فهذا أمر مختلف عن واقع فلسطين ،فالصراع هناك ليس صراعاً فقط علي السلطة بين الأطراف المتصارعة، بل هناك فرنسا وإيطاليا اللذان يتصارعان علي الفوز بالكعكة فالدولتين يتبادلان الاتهامات فيما بينهما، فإيطاليا تتهم فرنسا بالسعي لعدم استقرار ليبيا ،وفرنسا تتهم إيطاليا بإفقار القارة الأفريقية، والغريب أنّ الجامعة العربية تشاهد المسرحية عن بٌعد دون تحرّك ملموس، برغم قيام أمريكا بإدارة الملف الإرهابي هنا في ليبيا لصالح أحدي الدولتين الأوربيتين التي هي حليفة لأمريكا وبالطبع هي فرنسا، وسنشاهد قرارات القمة الجارية في شأن ليبيا والتي لن تسفر عن جديد كالعادة .

اليمن التعيس

عاصمة الحزم وعملية إعادة الأمل التي أطلقتها دول التحالف  العربي في اليمن منذ 25مارس عام 2015 لم تسفر عن نتائج ملموسة بخلاف تدمير البنية التحتية لقوات الحوثيين التي تدعمها إيران، ولم تعطي الحرب الدائرة في اليمن إلاّ مزيداً من قتل الأبرياء التي تقتلهم الأسلحة الإيرانية تارة ،وغارات دول التحالف تارة أخري، وقد فشلت جامعة الدول العربية في توحيد جميع دول العالم العربي لوقف الحرب وإنقاذ ملايين الضحايا اليمنيين سواء من الكبار أو الشباب أو الأطفال الذين تمتلئ الصحف وشاشات الفضائيات بصورهم التي تدمي القلوب وتدٌمع الأعٌين، فهل تنتظرون نجاحاُ لهذه القمة؟ الإجابة بلا وألف لا

الجيش العربي هو الحل

لست أدري لماذا تناست  الدول العربية مساعي الرئيس عبدالفتاح السيسي لإقامة جيش عربي موّحد للدفاع عن العرب  خاصة في ظل تهديد إيران لزعزعة الاستقرار في الخليج العربي، أليس من الأوَّلي مناقشة القمة العربية لهذا الأمر واتخاذ خطوات تنفيذية ليكون جيشاً قوياً وحصناً متيناً لصالح الأٌمّة العربية؟، ولماذا لا يكون هذا الجيش العربي  درعاً ضد أطماع إيران في اليمن وغيرها من الدول التي تضعها إيران ضمن مخططاتها ؟.

ستفشل هذه القمة المرتقبة ،فالخلافات بين الدول العربية لم تري نور التصالح قبل أن تبدأ أعمال القمة، والظلام هو طريق مغلق أمام حل أيَّ من كل هذه القضايا التي طرحناها ..المخطط الأمريكي للشرق الأوسط الجديد بدأت تعٌض مخالبِه أجساد الشعوب العربية التي لا حول لها ولا قوة ..وسلام علي وحدتنا التي أٌصيبت بمرض عِضال لا علاج منه مدي الحياة .ترككم للرئيس السيسي يتحرك وحده لمحاربة الإرهاب تارة ،والتدخل لوقف ضرب غزة تارة أخري ،وثالثة لرأب الصدع في ليبيا وخطواته نحو وقف الصراع اليمني عبر مليشيات الحوثي من أكبر الكبائر التي ستندمون عليها كما ندم الأسد الكبير وعرفات لرفضهما التوقيع علي معاهدة السلام ..أنتم الخاسرون وستظل مصر راعية لقضايا أمتنا العربية رغم ظلام الطريق .

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى