ما أعلن عن صفقة القرن من معلومات وتسريبات يؤكد أن القرار العربى لم يعد فى يد العرب وأن الأمريكان والإسرائليين هم من يملكون القرار، وهم من يحددون مسارات المنطقه، وهم من يملكون شجاعة الإعلان عن خططهم، وعن طريقه تنفيذها، وعلى الجميع الالتزام بها وتنفيذها.
وصفقة القرن نقلة نوعية لعملية السلام مع الكيان الصهيونى بداية من مرحلة المشاركة فى المفاوضات بينا وبينهم الند بالند وهى المرحلة التى حصلت فيها مصر على سيناء وكان لقاء مينا هاوس الذى أعد له السادات وكانت وقتها توجد صفقه أهم من المعروضة حالياً.
وانتقلنا بعد هذا إلى مرحلة التنازلات التى وصلت إلى المبادرة العربية للسلام والتى نصت على تقسيم مدينة القدس بين شرقية وغربية وشعارها الأرض مقابل السلام وهى مرحلة شهدت تنازلات عديدة.
وأتذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنامين نتانياهو أعلن فى حملته الانتخابية الأولى أنه سيفاوض العرب 20 عاماً ولن يأخذوا منه شيئاً وصدق الرجل وزاد العرب شرذمة وأصبحت الفصائل الفلسطينية لا تملك قرارها وخاضعة للسيطرة من أطراف خارجية فزاد الانقسام بين صفوف القوى السياسية الفلسطينية وأصبح قادة كل فصيل يبحث عن تحقيق أكبر مكاسب مالية لكل مجموعة ورأينا من يرفع شعار المقاومة أغنى الأغنياء فجميع قادة الفصائل الفسطنية حولوا قضيتهم إلى «سبوبة» لتحقيق أكبر مكسب مالى.
وخير مثال أملاك قادة حماس فى غزه ومشاريعهم المنتشرة على شواطئ هذه البلد المحتل والعقارات التى يملكونها ونفس الأمر بالنسبة للجهاد الإسلامى وغيرها من الفصائل الممولة من الخارج وأصبح لقطر وتركيا الأمر الأول والأخير لديهم ولا يستطيع أى شخص فى حماس يستطيع رفض الأوامر القطرية التركية، لأن ثرواتهم من هذين البلدين، وأدى هذا إلى إفشال عشرات المبادرات للمصالحة بين الأطراف الفلسطينية والتى قامت بها دول عربية كثيرة، لأن جميع هذه المبادرات لم تستهوِ سيد حماس والجهاد وهما قطر وتركيا وهذه الحالة أوصلت القضية الفلسطينية إلى المرحلة الحالية التى بدأت بقرار أمريكى منفرد باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيونى وتلاه قرار ضم الجولان وأخيراً التسريبات الخاصة بصفقة القرن والتى تعد المرحلة الثالثة من الإذعان، وعلينا أن نقبل بها وإلا سنكون شعوباً معادية للسلام ومعادية للسامية ولا نستحق العيش وجميع المبررات التى كانت تساق لتبرير الإرهاب والعنف سوف تنتهى فى العالم.
فهى صفقة غير مطروحة للتفاوض لأن الفلسطينيين لايملكون الآن حق التفاوض، خاصة أن جميع الأطراف فاقدون لشرعية تمثيل الشعب الفلسطينى، وعليهم أن يقبلوها أو يترك العالم الملف فى يد إسرائيل لتفعل ما تشاء فى الشعب الفلسطينى ولن نجد من يتعاطف معها.
فالعرب والفلسطنين وحتى الدول الإسلامية لا تملك أى آلية للضغط لتعديل بعض بنود الصفقة ولا تملك حتى تعديل حرف، فهى صفقة تلبى جميع مطالب الكيان الصهيونى التى رفضناها وقت ما كنا شركاء وفى مرحلة التنازل وفرضت علينا فى مرحلة الإذعان.
فصفقة القرن نتاج طبيعى لما يحدث فى المنطقة العربية من صراعات وأطماع الدول الأخرى مثل إيران وتركيا فى المنطقة وتركوا العدو الحقيقى يتمدد ويقوى وكأن الدولتين تتفقان معه فى الحالة التى وصلنا إليها الآن.. وسوف نقبل بهذه الصفقة ونحن صاغرون ولن نستطيع تغيير حرف واحد فيها وسيكون الحكم وقتها للتاريخ على ما تم وسيتم فى الأيام القليلة القادمة.