
مجدي حلمي يكتب: صرخة الطيب من يسمعها؟
لقد أصاب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عندما وجه كلامه لرئيس وزراء ماليزيا قائلاً: لو كانت هناك وحدة إسلامية حقيقية لما شهدنا تلك المجازر البشعة بحق أهل غزة على يد المحتل الغاصب وحلفائه.
فالوحدة الإسلامية، ومن قبلها الوحدة العربية، حلم يراود كل عربي ومسلم، لكنها يجب أن تكون وحدة حقيقية تقوم على موقف موحد واتفاقيات قابلة للتنفيذ، بعيداً عن الأطماع الإقليمية لبعض الدول مثل إيران وتركيا التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب الآخرين، سواء من خلال حلم الدولة الشيعية الكبرى أو عن طريق إحياء الخلافة العثمانية.
كذلك، لابد أن نبتعد عن المؤامرات التي تشمل إنشاء جماعات إرهابية أو دعمها وتمويلها بهدف تخريب دول إسلامية وعربية أخرى. ولنا أمثلة عديدة في دعم تنظيمات كداعش والقاعدة وطالبان والإخوان والجماعات الإسلاموية الأخرى، التي تمكنت بعض القوى الداعمة لها من إيصالها إلى الحكم في عدد من الدول، مثلما حدث في سوريا مؤخراً ومصر في سنوات مضت.
كما تجدر الإشارة إلى محاولات دول صغيرة أن تأخذ دوراً يفوق حجمها الحقيقي من خلال استخدام المال وسيلة للنفوذ، مثلما شهدناه في دارفور بالسودان أو ما يحدث حالياً في سوريا وليبيا.
عندما أطلق الإمام الأكبر تلك الكلمات كان يدرك جيداً مدى حالة الانقسام والتشرذم التي تعيشها الأمة بسبب طمع بعض الدول في السيطرة على غيرها، وسعي بعضها لتحقيق مكانة عظيمة على حساب دول أخرى ذات تاريخ عريق وحضارة متأصلة.
أضف إلى ذلك بحث بعض القادة عن أمجاد شخصية على حساب المصلحة العامة. كل هذه الأسباب فتحت الباب لتدخل قوى خارجية، مثل تصريحات ترامب التي تزعم حماية دول عربية مقابل دفع الثمن، وهي حماية مشكوك فيها، إذ يبدو أنها لحمايتهم من بعضهم البعض بدلاً من التوحد ضد العدو الحقيقي إسرائيل وحلمها ببناء دولة تمتد من النيل إلى الفرات، مع الدعم الكامل من الولايات المتحدة.
إن صرخة الإمام الطيب جاءت من عمق معاناته كرجل أصيل يشعر بالمرارة مما آلت إليه أحوال الأمة. فقد باتت بعض الدول العربية والإسلامية غير مبالية بما يجري في غزة أو الضفة الغربية والقدس المحتلة، مشغولة بالكيد لجيرانها ومحاولة زعزعة استقرارهم وتفكيك وحدتهم، وكأنها تسير ضد مصلحة الأمة الإسلامية برمتها.
نحن اليوم بأمسِّ الحاجة إلى موقف موحد لمواجهة محاولات ترامب لتهجير أهل غزة ومخططات إسرائيل لتدمير البنية التحتية في الضفة الغربية بعدما قامت بتدميرها في غزة. ولكن، بدلاً من ذلك، نجد دولاً تدعم مليشيات بالسلاح والمال لتحقيق أجنداتها الخاصة على حساب المصلحة العامة للأمة.
كلمات الإمام الأكبر حين قال: إن الوحدة هي الجدار الذي لن يستطيع أحد أن يدق فيه مسمارًا واحدًا… وبدونها لن يُكتب لأي طرف أن ينهض مهما بلغ من القوة والتقدم.
الشقاق مرض وضعف لا يعالجه إلا الاتحاد والحوار والإيمان بالمصير المشترك… يجب أن تكون دعوة مُلِحَّة لعقد قمة إسلامية عاجلة لا يتخلف عنها أي زعيم إسلامي. هذه القمة يجب أن تكون البداية لحل الصراعات الداخلية ووضع نهاية لمشاهد الانقسام الممتدة من المغرب حتى جنوب شرق آسيا.