اخترنا لكنون والقلم

مجدي حلمي يكتب: سيادة القانون بين أبوتريكة وبلاتيني

في البداية،  أنا من المعجبين بنجم كرة القدم محمد أبو تريكة ومعجب أيضا بنجم الكرة الفرنسية والعالمية مشيل بلاتيني، فهما في كرة القدم أيقونات رياضية وهما أمتعانا في الملاعب وكنا من الجيل سعيد الحظ الذي شاهدهما وقدما لنا البهجة والتسلية وهى الهدف الأساسي من كرة القدم  لمحبيها من المشجعين.

 وما قدمه بلاتيني للكرة العالمية ولفرنسا ولأوربا أكثر مئات المرات مما قدمه أبو تريكة لمصر، فبلاتيني قاد منتخب بلاده لانجازات كبيرة  في بطولة أمم أوروبا وفي كأس العالم  كما ترأس الاتحاد الأوربي لكرة القدم ووصل إلى أعلى المناصب في الفيفا.

وأوجه الشبه بين بلاتيني وأبو تريكة أنهما كانا يلعبان في مركز صانع الألعاب، والاتهام في قضايا جنائية، فالأول متهم بالفساد أثناء عملية إسناد كأس العالم إلى قطر والثاني بتهمة تمويل الإرهاب من خلال شركة سياحية هو شريك فيها.

ولكن المختلف عندما تم توجيه الاتهام إلى أبو تريكة خرجت جماهير الكرة  رافضة حتى هذا الاتهام، رغم  انه هرب خارج مصر ولم  يمكث هنا يواجه التهمة ويدافع عن نفسه وللأسف هناك بعض المثقفين والفنانين من عشاق أبو تريكة اللاعب يقومون بخلط الأوراق، ولا يعرفون الفرق بين  النجم  وما قدمه لمصر في الملاعب وبين تطبيق القانون إذا ارتكب جريمة.

أما في فرنسا فتم القبض على بلاتيني وتم حبسه احتياطيا واستجوابه ولم  يخرج  علينا  التراس «مرسليا» أو «سان جيرمان» يطالبون بإسقاط التهم ولم يخرج هذا الفنان أو ذاك للتضامن معه، بل يتم التحقيق معه وبحضور محاميه، لأنهم هناك يعلمون تماما أن سيادة القانون لا تفرق بين إنسان وآخر حتى ولو كان نجم النجوم.

  فقضية أبو تريكة مثل قضية بلاتيني، فهي قضايا جنائية بحتة  فيها من الأدلة والأوراق  والتحقيقات وعلى المحامين دور مهم  في فحصها وتفنيد الأدلة والدفاع  عنهما، كما أن القضيتين أمام القضاء وجهات التحقيق وأحكام القضاء هي عنوان الحقيقة والقاضي هو الشخص الوحيد الذي لديه الحق في القول الفصل في القضية  المعروضة أمامه وعلينا أن ننتظر  ماذا سيقول فيهما فلو صدر حكم بالإدانة  فهو مدان بالتأكيد  وإن صدر حكم بالبراءة فمن حق محبيه أن يحتفلوا معه.

 وما استوقفني هو حالة الهجوم العنيف والسباب  الذي  يوجه  من الأطراف المتشنجة سواء لمن كان مع أو ضد ابو تريكة وهى حالة من عدم الفهم عند الطرفين بأن الملف أمام القضاء وعلينا انتظار أحكامه وهو ما لم نره مثلا في فرنسا، خاصة أن الهجوم على بلاتيني من الصحافة والإعلام الفرنسي على أشده وأعنف من النقد الذي يوجه لأبو تريكة هنا في مصر.

  فسيادة القانون  هي معيار  مهم من معايير تقدم أي دولة  وتطبيق القانون على الجميع  أمر يكرس حالة الثقة في أجهزة أي دولة،  فلو ارتكب شخصان نفس الجريمة وتمت محاسبة شخص وترك شخص آخر  سقطت هذه الثقة وعلينا أن نكرس هذا المفهوم أولا عند  المسئولين عن إنفاذ القانون وثانيا لدى الناس من خلال أفعال تؤكد أن الدولة عازمة على  تطبيق القانون على الجميع  ووقتها سوف يستوعب الناس فكرة محاسبة أي نجم أو مسئول كبير  طالما ارتكب جريمة أو حتى ارتكب مخالفة للقانون.

للمزيد من مقالات الكاتب أضغط هنا

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى