مجدي حلمي يكتب: ثورة يناير ودروس يجب أن نعيها
نحتفل غدا بذكرى ثورة 25 يناير.. هذه الثورة التي رسمت طريقا جديدا لمصر نسير فيه الآن بخطى ثابتة رغم العثرات.. هذه الثورة مرت بمطبات ومنعطفات كثيرة وعديدة، واستغلها البعض لتحقيق مكاسب مالية واجتماعية وسياسية شخصية سواء أيام الثورة وبعدها وفي نفس الوقت خسر بسببها العديد من الناس ماليا وسياسيا واجتماعيا.
لقد عشنا هذه الأيام الصعبة ورأينا عشرات الاتحادات الشبابية الثورية وكل اتحاد منهم ارتبط بدولة أو هيئة أجنبية مولته على أمل أن يصل أي منهم للحكم فيكون الولاء لهم.
رأينا شخصيات تجاهر بالثورة وتهاجم النظام السابق وتمدح ثورة يناير ويصفها أنها من أنبل وأشرف الثورات، والآن تهاجمها بعنف وقوة وتعتبرها خراب مصر.. ورأينا أشخاص كانوا يعادون الثورة من أول يوم والآن هم في مناصب ومراكز مهمة ولولا الثورة مكان أحد علم بهم وعرفهم.
واعتقد أن ما شاهدناه في أيام الثورة يجعلنا لا نقف أمام من استفاد منها ومن خسر ومن كان حسن النية ومن كان سيء النية في ثورته.. ولكن من يهاجمها الآن يهاجم الدستور المصري الذي اعترف بها ثورة وجعلها جزء من ديباجته رغم توافقها مع يوم من أيام الوطنية المصرية وهو يوم عيد الشرطة إلا أن اعتراف الدستور بها وضعها في موضع ثورة يوليو 1952.
وهناك لغز لم يحل حتى الآن ولم نعرف من وراء ما حدث يوم الجمعة 28 يناير وهو اليوم الذي أسميته يوم نهب مصر.. فمن كان وراء الأحداث التي شهدتها مصر في هذا اليوم من إحراق ونهب الممتلكات العامة والخاصة، ولماذا لم يتم تشكيل لجنة تحقيق في هذه الأحداث؟ وما تلاها من تطورات ومنها موقعة الجمل في 2 فبراير خاصة أن المتهمين الذين تم تقديمهم للمحاكمة حصلوا على البراءة مما يعني أن هناك جناة آخرين ارتكبوا الواقعة.
لكن ستظل ثورة 25 يناير هي نموذج التغيير الشعبي السلمي للأنظمة رغم محاولات تشويهها وتحويلها إلى حرب أهلية، والأهم في هذه الثورة هو التصدي لمحاولة سرقتها من تيار ظلامي حاول فرض نفسه بالقوة على المجتمع المصري وادعي أنه شريك في الثورة وردد هذا للأسف مجموعة من المثقفين رغم أن الوقائع تؤكد أنهم انضموا للشباب بعد التأكد أن نظام مبارك قد سقط بالفعل وعلى الفور نجح المصريين بمؤسساتهم في استرداد الثورة سريعا قبل أن يستفحل خطر هذه التيار بكل فروعه ووقتها كان سيتمدد إلى المنطقة العربية والعالم.
الاحتفال الرسمي بثورة يناير هو اعتراف من الدولة بشرعيتها واعتراف بأنها من قادت التغيير بعد أن تكلست سلطة على مقاعد الحكم 30 عاما وصل فيها رأس السلطة إلى حالة من العزلة عن الناس.. درس ثورة يناير وكل الثورات الشعبية السلمية أن التشبث بالمنصب وإغلاق الحياة العامة أمام الناس يؤدي إلى الانفجار مثل الذي حدث في 25 يناير والخسائر التي لحقت بنا.
فالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة نزيهة ووجود أحزاب قوية نشطة ومجتمع مدني وطني ومستقل وإطلاق حرية الرأي والتعبير والإبداع هي الأدوات الوقائية لمنع حدوث مثل هذه الثورة فهذا هو الدرس الذي يجب أن نعيه.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا