نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: بريطانيا دولة خارجة على القانون

كنت أعتقد أن الاستعمار انتهى من العالم. وان الموجود فقط احتلال وان المنطقة العربية هي التي بها مناطق محتلة  فقط، مثل فلسطين والاحتلال الاسباني لمدينتي سبتة ومليلة  وعدد من الجزر المغربية وكذلك إيران  التي تحتل جزيرتي طنب الكبرى والصغرى الإماراتيتين.

لكن قرار صدر للجمعية العمومية للأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي  ضد استعمار بريطانيا  لأرخبيل جزر شاغوس، إلى دولة  موريشيوس الإفريقية.

والاستعمار هو السيطرة التي تمارسها دولة من الدول أو جماعة من الناس على شعب من الشعوب والتحكم بمصيره واستغلال خيراته لصالح البلد المستعمر وجميع  القوانين الدولية تجرم الاستعمار والاحتلال  وتعتبرهم انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان  وللقانون الدولي.

وما تقوم به بريطانيا العظمى راعية الديمقراطية والحرية والتي تنادى بحقوق الإنسان هو استعمار بقرار دولي  وتنكر على مواطني موريشيوس حق تقرير المصير وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت رأيا استشاريا بحق موريشيوس في الجزر وأن الإجراءات التي قامت بها بريطانيا العظمى من تهجير سكان الجزر قسريا وتأجير جزيرة للولايات المتحدة  لإقامة  قاعدة عسكرية  باطل وعلى بريطانيا تسليم الجزر فورا إلى حكومة موريشيوس.

وهو نفس المنطوق الذي تبناه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي حصل على أغلبية 116 دولة ورفضته ست دول، بينها بريطانيا، والولايات المتحدة، وأستراليا، وإسرائيل. وامتنعت 56 دولة عن التصويت، بينها العديد من الدول الأوروبية والدول الرافضة هي دول تحتل دول وجزر  مثل الاحتلال الصهيوني  لفلسطين العربية.

وطالب مشروع القرار بريطانيا بـ«سحب إدارتها الاستعمارية» من الجزر خلال ستة أشهر، للسماح لموريشيوس باستكمال «إنهاء استعمار» أراضيها في أقرب وقت ممكن.

وفُصل الأرخبيل الواقع  في المحيط الهندي، عن موريشيوس في 1965، واخضع لحكم بريطانيا  وأجرت الجزيرة الرئيسية دييغو غارسيا، للولايات المتحدة لإقامة قاعدة جوية عسكرية.

وفى عام 2000 ذهب سكان تشاغوس إلى المحكمة العليا البريطانية، واستطاعوا أن يستردوا حقهم في العودة إلى جزرهم. وأوصى وزير الخارجية البريطاني السابق روبن كوك، بإعادة شهادة المواطنة البريطانية لسكان الجزر. ولكن  وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو نكث بهذا الوعد بعد وفاة كوك، وأصدر قرارا بأن يظل الشاغوسيون في بريطانيا، القضية مازالت قيد النظر أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حتى الآن.

وعلى الفور أعلنت الحكومة البريطانية رفضها للقرار  وكذلك  لقرار محكمة العدل الدولية  لأنهما غير ملزمين قانوناً وتزعم أن الأرخبيل لم يكن على الإطلاق جزءاً من موريشيوس، ولذلك فهي ترى أن مطالبة موريشيوس بالسيادة عليه باطلة  ولا تعترف بريطانيا بالأثر الأخلاقي  لهذه القرارات ولا أحكام القضاء  البريطاني، خاصة أن الدولة الإفريقية  لا تستطيع اللجوء إلى مجلس الأمن لأن الفيتو البريطاني الأمريكي  سيكون حاضرا لعرقلة القرار ولا يبقى أمام القارة الإفريقية إلا الضغوط الدبلوماسية لإجبار بريطانيا على إنهاء استعمارها  لهذه الجزر التي لها قيمة اقتصادية وسياحية كبرى وإعادة سكان الجزر وهم لا يتجاوزون 450 شخصا وفق التعداد البريطاني.

القضية أن دول أوروبا مازالت  تتنكر لكل مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واستقلال القضاء  إذا مست هذه القضايا مصالحها  وترفض أي قرار يصدر لصالح الضحايا وان الدول التي وقعت تحت الاستعمار البريطاني لم تستطع حتى الآن الحصول على تعويض على سنوات الاستعمار  بل مازالت لندن  تكيد لهذه الدول وتقف ضد مصالحها.

فرفض بريطانيا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة  وقرار محكمة العدل الدولية ورفضها تنفيذ حكم المحكمة العليا البريطانية تعد دولة خارجة على القانون فهي ترتكب جريمة الاستعمار  المقيتة حتى الآن في  قارة إفريقيا وغيرها في مناطق العالم الأخرى.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى