شهدت مصر حالة من الخلط بين ادوار المؤسسات المتعددة فيها.. هذه الحالة أدت إلى من يقوم بعمل في مكان غير مكانه أمر طبيعي وعندما يتعرض من قام به للعقاب تقوم الدنيا ولا تقعد.. دون أن يوضح احد ان ما قام به ليس هذا مكانه ولا زمانه كما يقول المثل العربي «لكل مقام مقال ».
وحالة الخلط كانت تمت بصورة ممنهجة وتحت سمع وبصر أجهزة الدولة ومع ظهور الكيانات الموازية للكيانات الشرعية فشهدت مصر حالة من «الاستهبال» العام وأصبح «النصب» هو السمة المميزة للمجتمع وتصاعدت لغة الفهلوة والشطارة والمصلحة والنحتة وغيرها من العبارات والكلمات المستحدثة علينا.
وأصبحنا نسمع عن جمعيات تمنح «الدكتوراه الفخرية» وأخرى تعطى لقب «سفير النوايا الحسنة»، وغيرها من الألقاب التي لا يجوز إلا لجهات أكاديمية أو دولية تابعة للمنظمات الحكومية مثل الأمم المتحدة والجامعة العربية.
فهذه الكيانات الوهمية والجمعيات تمنحها دون رقيب أو حسيب وللأسف يقع في مصيدة هؤلاء رجال أعمال بارزون ومثقفون وغيرهم ممن يبحثون عن التليمع الإعلامي أو المجد الأدبي أو الباحثين عن ملء حائط مكاتبهم بهذه الأوراق التي لا قيمة لها.
فهذه الحالة هي التي دفعت بعض جماهير الكرة والرياضيات المختلفة إلى رفع شعارات سياسية وحزبية في المدرجات وهو ليس مكان أو زمان السياسة، فالسياسة مكانها الوحيد الأحزاب، فمن يريد أن يعمل بالسياسة فعليه إنشاء أو الانضمام إلى حزب، أما المدرجات فهي للتشجيع الرياضي فقط والاستمتاع بما تشاهده وليس لأي شيء أخر.
فإن كانت المدرجات للجماهير وهى حقيقة فإننا لا يجب أن ننسى العبارة المأثورة والتي كانت تطبع على الكراريس وتكتب على أسوار المدارس تقول «أن أردت أن تعرف أخلاق أمة فانزل إلى ملاعبها» وأي خروج عن قواعد التشجيع الرياضي تكون الإساءة إلى أمة بأكملها.. على الشباب أن يبدع في تشجيع فريقه يغنى يرقص يهتف فهو حر طالما التزم بالتشجيع ولم يخرج عن دور المدرجات في الملاعب المختلفة وهو تشجيع الرياضة والاستمتاع بها.
وعلى أجهزة الدولة أن تكون قدوة للشعب المصري وان لا تتعامل مع كيانات وهمية وأمامها كيانات حقيقية موجودة ومرخصة وفق القانون وان تحترم ادوار المؤسسات المختلفة من المكونات المدنية سواء أحزابا سياسية أو نقابات مهنية وعمالية أو جمعيات أهلية أو روابط أو مراكز أبحاث وغيرها من المكونات القانونية.
فحالة الخلط بين ادوار مكونات المجتمع تحدث حالة من الصراع غير المبرر بينهم، ما يهدر طاقة ووقت وأموال هذه المؤسسات بدلا من التفرغ لعملية التنمية الشاملة وهو هدف كل هذه المؤسسات و التي نحتاج أن نحقق فيها قفزات واسعة حتى نعوض ما فات في السنوات الماضية.
فنحن في أمس الحاجة إلى أن يقوم كل طرف بوظيفته وان يلتزم بالدور المحدد له بدقة حتى نستعيد جزءا من الأخلاق المفقودة ويخرج جيل يعلم قيمة كل مكان يذهب إليه ولا يخلط الأمور ببعضها.
ويجب على الأجهزة أن تقف موقفا جادا من الكيانات الموازية للكيانات الشرعية وان تتصدى لها بدون إبلاغ حتى ترسل رسالة واضحة أن مصر بلد يحترم مؤسساته الشرعية التي وجدت وفق القانون والدستور فهما اللذان يحكمان الرعية والحاكم معا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية