نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: إعلان الاعتذار وجه للفساد الرياضي

 استفز الإعلان الذي قام بتقديمه لاعبو المنتخب الوطني للاعتذار عن الخروج المبكر من بطولة الأمم الإفريقية غضب المصريين  خاصة بعد أن تم التأكيد أن الإعلان تم تصويره قبل انطلاق البطولة، أي أن اللاعبين والشركة صاحبة الإعلان ومن صمم الإعلان  ونفذه يعلمون جيدا أننا سنخرج مبكرا من البطولة وبصورة مخيبة للآمال  من اجل أن يكون للاعتذار قيمة.

والإعلان فيه مخالفات كبيرة لتقاليد مهنة الإعلان،  ومنها استغلال  أحزان الناس للدعاية لسلعة، خاصة أن المصريين من كبيرهم لصغيرهم كان لديهم أمل كبير هو الوصول إلى ادوار متقدمة في البطولة، لكن خروج المنتخب بعد أداء سيئ جدا  ومن فريق من اضعف فرق البطولة يؤكد أن شيئا ما قد حدث  بين الشركة المعلنة واللاعبين.

واستغلال الشركة لحالة الحزن التي كانت متوقعة منها  للترويج لمشروبها انتهاك صارخ لقيم المجتمع وجاء على عكس الهدف من الإعلان الذي يجب أن يشيع البهجة للمتلقي حتى يقبل على شراء السلع المراد الترويج لها ويوضح أن هناك أمراً مدروسا ومخططا له وقع وشارك فيه اللاعبون والمسئولون الذين سمحوا بتصوير الإعلان وإذاعته.

وكنت أنتظر أن تتحرك عدة جهات لفتح تحقيق حول حقيقة وهدف هذا الإعلان،  وعلى رأسها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المسئول الأول عن هذه المواد وكان عليه أن يستدعى الشركة المنفذة والتحقيق معها ومعرفة حجم الأموال التي حصل عليها اللاعبون المشاركون في الإعلان، خاصة أن اغلب لاعبي المنتخب تحولوا إلى موديل إعلاني  قبل البطولة  بدون أي ضوابط  وكان الهدف هو جمع اكبر كمية من الأموال  ولتذهب الجماهير والبلد إلى الجحيم.

أما الجهة الثانية فهي اللجنة الاوليمبية وهى الجهة المسئولة عن الرياضة في مصر، وكان عليها أن تطلب ملف  الإعلانات التي قام بها اللاعبون وهل تمت بمعرفة اتحاد الكرة، أم من وراء أعضاء الاتحاد  وأين ذهبت عائدات هذه الإعلانات؟

أما الجهة الثالثة فهي الشركة صاحبة الإعلان، والتي يجب أن  تكشف الحقائق حوله وتواريخ تصويره، خاصة أن هناك حملات مقاطعة شعبية لمنتجاتها تتصاعد على مواقع التواصل الاجتماعي  ويجب أن تخرج عن صمتها وتصدر بيانا شافيا وكافيا.

وأخيرا يجب أن نشير إلى أن الرياضة في مصر مثلها مثل كل جوانب الحياة، فالمواهب الحقيقية على ارض مصر كثيرة  وبالملايين في مختلف المجالات لكن الفساد والمحسوبية  وأهل الثقة  وراء صعود أنصاف المواهب  إلى القمة، فالفساد في الرياضة منظومة متكاملة تجده بداية من اختبارات الناشئين  وفى التدريب  وفى الإمكانيات التي  يجب أن توفر لرعايتها وحتى الفرق القومية واختيار مدربيهم،  وما حدث مع منتخب مصر حدث مع منتخب تحت 16 سنة في العام الماضي الذي كان نصف عدد لاعبيه أبناء لاعبي كرة قدم سابقين وأبناء شخصيات  نافذة، لذا هزمتنا إثيوبيا هنا وهناك ووقتها صرخ  المتابعون وطالبوا القائمين على الرياضة بالتدخل لوقف المهزلة، إلا أن المهزلة مازالت مستمرة وتبلورت في كأس العالم وفى الاولمبياد  وفي جميع البطولات العربية والقارية في مختلف الرياضيات.

فليس دور أجهزة الدولة أن تراقب كل الأنشطة الرياضية واختبارات الناشئين في الأندية الكبرى وتدريباتهم  وانتشار التدريبات الخصوصية  في الأندية الكبرى والصغرى، ولكن هذا دور القائمين على رعاية وتنظيم النشاط الرياضي في مصر وخاصة قطاع البطولة.

إن  أردنا  أن نكون رقما  في الرياضة العالمية عليكم بالريف المصري جنوبا وشمالا وعلى القائمين على الرياضة أن يكون لديهم ضمير حي  وأن يتركوا مصالحهم الخاصة من أجل مصر وأن تكون هناك خطة مدروسة سيتم تنفيذها بدقة وبدون تعطيل مهما تغير الأشخاص مثلما فعلت دول منها مدغشقر.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى